الخميس 12-ديسمبر-2024 - 10 جمادى الآخر ، 1446
تسجيل الدخولالسيرة الذاتية
أحمد بن عبدالعزيز بن أحمد بن إبراهيم القطان صقر آل الفواز التميمي.
اشتهرت أسرته باسم «القطان» لمهنتها في تجارة القطن، ويرجع امتداد الشيخ أحمد القطان، رحمه الله تعالى، إلى قبيلة تميم من آل الفواز، وهي من أفخاذها المشهورة، وديارهم في حوطة بني تميم، تقع جنوب منطقة الرياض بـ160 كم؛ أي في المنطقة الجنوبية لإقليم نجد بين دائرة عرض (22 - 27) مع خط طول (47 - 46)، وتقع وسط أودية وشعاب.
ولد الشيخ القطان يوم الجمعة 12 المحرم 1366هـ/ 6 ديسمبر 1946م، في منطقة المرقاب بدولة الكويت في أسرة كريمة؛ حيث اعتنوا به وبإخوانه الثمانية في حياة طابعها البساطة والتواضع، وكان هو أكبرهم سناً.
ودرس، رحمه الله، في صغره بمدرسة «قتيبة» الابتدائية، ثم مدرسة «الخليل بن أحمد» بمنطقة كيفان، وكان موهوباً منذ صغره؛ فقد تشكلت فيه سمات الشخصية القيادية؛ كالقدرة على مواجهة الجمهور والتأثير بهم، والفصاحة والبلاغة، وحب الاطلاع والقراءة، والمبادرة، وكان ذلك ظاهراً في نشاطه المدرسي؛ كالمسرح والإذاعة والنشاطات الطلابية المختلفة.
ثم تخرج في معهد المعلمين عام 1968م، ومن ثَمَّ توجه إلى مؤسسة التربية والتعليم معلماً وموجهاً ووكيلاً ما يقرب من ثلاثين عاماً، بنى خلالها أجيالاً على الخلق والفضيلة وحب الله ورسوله، وحب شعبه الطيب المسالم المعطاء ووطنه، والحق يقال؛ فقد كان قدوة في التربية والسلوك لا تنفصل أقواله عن أفعاله، أديباً أريباً حافظاً، وله من الشعر الكثير، تراه بين أهله مربياً، وبين أصحابه مؤثراً، واشتهر بصفة لازمته؛ وهو بره بوالديه، رحمهم الله جميعاً.
هو داعية إسلامي كبير، وخطيب منبر شهير، كان من أبرز وأشهر خطباء المنابر في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، فقد بدأ الخطابة عام 1976م واستمر إلى عام 2008م، وكان يسمِّي منبره «منبر الدفاع عن المسجد الأقصى».
لقد كانت قضايا خطبه ساخنة ومحطات تحول في عرضها للمستمع وللتاريخ، عبَّر عنها بحنجرة ملتهبة؛ كمذبحة حماة بالشام، وحلبجة بالعراق، وأفغانستان، والأقليات في آسيا كالفلبين وأفريقيا، والمعتقلين والمنفيين والمغتربين في شتات العالم.. لكن قضية القدس والمسجد الأقصى كانت حاضرة في أولى أولويات خطبه ودروسه منذ أكثر من أربعين سنة، فحربه على الصهاينة وجهاده جعلاه مستهدفاً وملاحَقاً، وكان آخر ما ختم به في ديوانية جمعية الإصلاح الاجتماعي بالكويت قبل وفاته بيومين قوله: «في القدس قد نطق الحجر.. لا مؤتمر.. لا مؤتمر.. أنا لا أريد سوى عمر».
اثنان وخمسون عاماً قضاها الشيخ بين المساجد والمنابر والمحاريب يدعو إلى الله تعالى، يعرِّف الناس بعظمة الله وكبريائه ورحمته سبحانه.
انتهج الشيخ القطان، رحمه الله، منهج أهل السُّنة والجماعة الذين يعملون بكتاب الله تعالى وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، منهج الشيخ هو قول النبي عليه الصلاة والسلام: «ما أنا عليه وأصحابي»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي..».
ومن ثَمَّ، انتهج، رحمه الله، طوال مسيرته منهج الوسطية والاعتدال في دعوته ودفاعه عن حق المظلومين، وتبنيه للقضايا الإسلامية وتربية الأجيال المسلمة، وحمل هَمّ الأمة من مشرقها إلى مغربها، ومحاربة من حارب الفضيلة.
كان من أقواله عندما سئل عن الجماعات الإسلامية: «قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات: 10)، إن الساحة تسع الجميع، وكلٌّ على ثغر مبارك، وكلٌّ يكمل الآخر، وكلنا في سفينة واحدة؛ غايتنا رضاء الله والجنة».
ومن منهجية خطب الشيخ القطان أنها تجمع ولا تفرّق، وتؤلّف ولا تشتّت، تبني ولا تهدم؛ تارة تنبذ الفوضى والعبث والانفلات والتعصب والتطرف.. وأخرى تدعو للتسامح والاعتدال والتكافل والإخاء.
طريقته في بناء خطبته ترجع إلى أسس ثلاثة: «قلب مفكر، وبيان مصور، ولسان معبر»، والشيخ، رحمه الله، أبدع فيها أيما إبداع، كيف لا وقدوته في الخطابة الداعية المشهور الشيخ عبدالحميد كشك، رحمه الله تعالى.
عمل الشيخ أحمد القطان، رحمه الله، مؤسساً وعضواً في العديد من اللجان الخيرية التي تخدم المسلمين في قارات الأرض كأفريقيا، ودول مثل الفلبين وباكستان وفلسطين، لإقامة مشاريع تنموية كالمدارس ودور الأيتام والجامعات والمساجد، وأهم من ذلك بناء الإنسان وهدايته فهو أهم بناء وأصعب نداء، فقد ساهم في لجنة التعريف بالإسلام التي اهتدى على يد دعاتها الآلاف من المهتدين الجدد.
كما قدم الراحل الدروس والمحاضرات والمواعظ والسلاسل؛ مرئية ومسموعة، ومشاركاته التطوعية في المدارس الخاصة والنظامية، وأيضاً في الإذاعة والتلفاز في برامج كثيرة، منها «مسيرة الخير» عبر الأثير، وعلى سبيل المثال لا الحصر سلسلة الفاروق بعد الصديق، وسلسلة ذي النورين، وسلسلة السبطين، والسلسلة السمعية الكاملة لـ«رياض الصالحين»، كل هذه الإسهامات ومضات في صحيفته الناصعة.
ولا تُنسى مساهمته، رحمه الله، في دفع الظلم عن بلده وأهله أثناء الغزو الغاشم على الكويت عام 1990م، ملف ينضح بالعطاء والجهد الإقليمي والعالمي لتوحيد الصف وطمأنة القلوب وكسب تأييد الشعوب لشرح القضية الكويتية العادلة، كما حصل في الجزائر وفرنسا وبريطانيا وأمريكا حتى التحرير وذلك بفضل الله تعالى.
- الشيخ حسن أيوب، رحمه الله.
- الشيخ حسن طنون، رحمه الله.
- الشيخ عبدالحميد كشك، رحمه الله.
- د. الشيخ جاسم مهلهل الياسين.
- الشيخ طايس الجميلي.
للشيخ 55 مؤلفاً، منها:
1- هارون الرشيد الخليفة المظلوم.
2- محمد بن عبدالوهاب إمام التوحيد.
3- سلسلة تربية الأبناء في الإسلام.
4- التذكرة للدعاة.
5- شيخ الإسلام أحمد تقي الدين بن تيمية.. جهاده - دعوته - عقيدته.
6- للنساء فقط.
7- طرق كسب الثواب.
8- موعظة للمتقين.
9- الزوجة.
10- مواقف إيمانية.
- أ.د. محمد العوضي.
- أ.د. طارق السويدان.
- الشيخ سعود الشريم.
- د. علي العمري.
- خالد مشعل (فلسطين).
- الشيخ يوسف السند.
توفي الشيخ أحمد القطان، رحمه الله تعالى، صباح يوم الإثنين 22 مايو 2022م، عن عمر ناهز 76 عاماً، بعد عطاء حافل للإسلام والمسلمين، تاركاً إرثاً عظيماً يستنفع منه وينهل كل من أحب الله ورسوله وأحب المسلمين.
رحم الله الشيخ أحمد القطان رحمة واسعة، وأسكنه جنته، اللهم طيب ثراه، وأكرم مثواه، وجعل الجنة مستقره ومأواه، اللهم نوّر مرقدة، وعطّر مشهده، وطيّب مضجعه، وآنس وحشته وغربته، وقِه عذاب القبر وعذاب النار.. آمين.