السبت 04-أكتوبر-2025 - 12 ربيع الآخر ، 1447

مقتل ضياء الحق

12
2024-07-10

مقتل ضياء الحق

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة، وأخبر أن المسلمين كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وبيّن صلى الله عليه وسلم، أن "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد"، قد يكون قلبك في الكويت، وعينك في فلسطين، وأذنك في السودان، ويدك هناك في باكستان.

فالإسلام نسيج وحده، وكلنا أمة واحدة، (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون).

وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والصحابة أجمعين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين.

أما بعد أيها الأحباب الكرام: إني أحبكم في الله، وأسأل الله أن يحشرني وإياكم في ظل عرشه، ومستقر رحمته، وأن يقينا وجميع المسلمين الفتن والمحن والزلازل، والبلاء، وأن يجعل ديارنا أمناً وإيماناً، سخاء ورخاء، وأن يصب قوارعه على أعدائنا من الكافرين الذين يحاربون الدين.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب).

أما بعد: أيها الأحبة الكرام، فإنني ألتمس العذر من الانتفاضة في فلسطين، لأنتقل إلى كارثة الكوارث في السودان، حيث الطوفان والجراد، ثلاثة ملايين من المسلمين الآن يتعرضون للهلاك والموت البطيء، ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.

ثلاثة ملايين كما ذكرت صحف اليوم، يموتون من الجوع والمرض، والغرق، والعراء، والكويت والسعودية والإمارات، والدول الغنية جسورها الجوية لم تنقطع في نقل المعونات، ولكن التقارير تأتي من السودان فتقول: إن جميع المعونات التي وصلت لا تسد حاجة 10% بالمئة من الجياع هناك، فإنها كارثة العالم، وقد سبق في إحدى الخطب ذكرت  أن كارثة السودان ومصيبته التي لم يلتفت إليها، التفات جاد حتى هذه الساعة، ستكون أعظم من كارثة أفغانستان، فالسودان منذ زمن بعيد وهو يعاني من الحصار الاقتصادي الرهيب، ومن الفتن في الداخل، والمخطط الصليبي العالمي هو الذي يرسم خطط التضييق والتدمير.

فالمنصِّرون والمكفّرون ينتشرون هناك لينقلوا المسلمين إلى الكفر وعبادة الصليب، والدول الظالمة الآثمة، تمد المجرم الصليبي "جرانج" المنطلق من الجنوب ليجتاح الشمال، وتمده بالسلاح والعسكر، فهم في بلاء بعد بلاء، وصلت التقارير اليوم، تقول إن الأوبئة بدأت تنتشر، الكوليرا، والملاريا، والتيفوئيد، والإصابات المعوية، ثم الحصبة تجتاح الأطفال، وعزمت في الجمعة الماضية، يوم الخميس قبل الجمعة، أنا أسافر إلى السودان لكي أكون على قرب، ولكن أحداث الانتفاضة ملكت عليّ مشاعري لم أستطع السفر، فقد كانت في أوجها وفي قمتها، ومنبر الدفاع عن الأقصى، لا يطيق أن ينفك عن الأقصى لحظة واحدة، ولكنني ودعت مندوب لجنة مسلمي أفريقيا، ثم حرصت بعد ذلك على لقائه بعد عودته، فقال الآتي: تنزل طائرات المعونة في مطار السودان، وكنا نتوقع أن هناك نفيراً عاماً يشارك فيه الجيش والشعب، ولكن تظل الطائرة في المطار واقفة مدة طويلة، حتى يأتي بعد ساعات الخبير الصحي، فيقوم بالفحص بكسل وبطء، ثم تنزل بعد ذلك المعونة، بجوار الطائرة، وتظل مكشوفة، ثم تأتي الأمطار فتتلفها، حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم بوضع أغطية من البلاستيك على المعونة، مع أن الأمطار هذه الأمطار تنزل على السودان في الليلة الواحدة ما ينزل عليها في عام كامل، 210 مليمتر، منسوب نزول الماء في الليلة الواحدة على السودان، ما لا ينزل في عام كامل.

والأحزاب المختلفة، هذا لحزبي، وهذا لحزب فلان، وهذا لحزب علان، وكثير من المعونات تذهب إلى النصارى، لماذا؟ يقولون: حتى لا يغضب الغرب، والجمعيات التي تأتينا منها المعونات، والشعب يموت.

اليوم في الصحف ينفون هذا، ويقولون إن هذا كذب، ولكني لا أصدّق الصحف اليوم، ولكن أصدّق المندوب الذي أرسلناه، فعلى العالم الإسلامي أن يقوم وقفة رجل واحد لإنقاذ شعب يتعرّض للدمار، من أجل أنه مسلم وحاول مرة في حياته أن يطبق الشريعة الإسلامية.

هذه هي جريمته في العالم، لو أن كارثة الفيضانات والطوفان والجراد نزلت في أي دولة يحبها الغرب، أو يحبها الشرق، لرأيت الأساطيل البحرية والجوية والبرية تنهض إليها في الليل والنهار.

ولكن ذنبهم أنهم مسلمون، فليمت أهل السودان، وليأتي الصليب ويُرفع على أرض السودان، هذا هو المخطط التنصيري التكفيري، فهو فرصتهم التي لا تعوض، بينما أهل السودان يحاربون الجراد، ويكافحونه بالطائرات، والطائرة عندما تطير تكلف من الطاقة والوقود، والسودان منذ سنوات يعاني من شح الطاقة والوقود، طوابير السيارات على محطات البنزين والديزل تمر عليها الأربع وعشرين ساعة، لا يستطيع الإنسان أن يملأ سياراته، ودولنا لا أقول إنها تستهلك، وإنما تعبث بالوقود وهي تعلم حال السودان ولكنها لا تمدها بالوقود.

لأن الأسياد يرفضون هذا، فهم يريدون أن يصبح السودان كله صليبياً، فمساحة السودان، وأرض السودان، بإمكانها أن تنقذ العالم العربي والإسلامي كله لو التفت إليه زراعياً وصناعياً، ولكن، لا يريدون هذه الأمة أن تعيش أو تحيا في الوجود.

المندوب الخاص بنا يقول: انتقلنا إلى الناس المعزولين في المستنقعات بصعوبة شديدة، يفتحون أفواههم، يمدون أيديهم، وما أن ينزل شوال الدقيق، حتى ينقضوا عليه ويلتهمونه هكذا، يتطاير الطحين على وجوههم يأكلونه جافاً حتى لا يموتوا من الجوع.

مناظر بكت من أجلها اليابان، كما تقول الصحف، اليابان تبكي للمآسي والهلاك والغرق الذي يتعرض إليه السودان، وآلاف من المؤسسات اليابانية التي ليست من ديننا، هبّت لتساعد السودان، وكثير من السودان، يأكل ويملأ بطنه وبطون أولاده، وقضية السودان عنده خبر في صحيفة.

(لمثل هذا يذوب القلب من كمد

إن كان في القلب إسلام وإيمان)

جاء الجراد واجتاح كل أخضر، ثم ترك بيضه في الأرض ينتظر الرطوبة، لكي يفقس بعد ذلك، بالطريقة التي من خلالها لا يذر على الأرض شيئاً إلا ويأكله، سواء كان ذلك أشجاراً أو أخشاباً، وكل ما يؤكل يأكله، وهم الآن ينتظرون كارثة أعظم من كارثة الطوفان نفسه، وهو تفقيس بيض الجراد، الذي لا يستطيع أحد أن يكافحه بعد ذلك.

إن الله يمتحن أمة محمد بكارثة السودان، أغنى الدول في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، السودان الآن يعاني من نقص المياه الصحية النقية العذبة، وأصبح البرميل الصغير قيمته 4.5 دولار، مع أنها تغرق في المياه، ولكنه ماء ملوث.

جاء الطوفان فاجتاح مئات الألوف من القرى، وما أدرك بقرى السودان، فهي عبارة عن بيوت من طين، وقش، وعليها أغصان الشجر اليابس، ما أن يجري السيل تحتها حتى يجرفها بمن فيها، كيف حالك وأنت تنظر إلى الأمهات وهن يحملن الأطفال على أكتافهن، ورؤوسهن، وبيتها يجري من تحتها فتصير في العراء، ثم بعد ذلك يأتي إليها السيل فيجتاحها، فتوشك على الغرق، ويأخذها الماء إلى أنفها وأذنها، ثم بعد ذلك تموت، وقد تشبثت بابنها في يديها.

الضحايا حتى الآن لم يحص عددهم، لصعوبة المواصلات والاتصالات، فالسيول الجارفة اجتاحت السكك الحديدية كلها، ونسفت الطرق كلها، والجسور كلها، ولم يبق للمواصلات شيء حتى المواصلات النهرية غير صالحة، والكارثة كذلك الآن يأتي تهديدها من النيل والأزرق، ومن النيل الأبيض، حيث إن منسوبهما يزيد يوماً بعد يوم، والمساكين يقومون بقياس منسوب اليوم كل يوم، وجهزوا سيقانهم للهروب، ولكن إلى أين يهربون، لا بد أنهم سيهربون فوق ما تبقى من قمم الأشجار التي تظهر بارزة في بحر متلاطم، ترى أوله ولا ترى آخره، بحر جديد من الماء الملوث ظهر على القاهرة الأفريقية على مساحة السودان.

والذي شاهد اللقطات في التلفزيون يعرف حقيقة ما أقول أيها الإخوة، فالكهرباء مقطوعة، والعمليات الجراحية لا تُجرى إلا في النهار، وفي النهار إذا كان السحر، يقربون الجريح المسكين تحت الشبابيك، ويفتحون الستائر لكي يجرون له عملية جراحية لأن الكهرباء مقطوعة.

تعطلت المصانع، وإنتاج الأغذية، وأصبح الأطفال بلا حليب ولا طعام، أكثر من مليون ونصف المليون بدون مأوى، يلتحفون السماء، النازل منها الماء، ويفترشون الأرض النابع منها الماء.

وكارثتهم الآن تدخل الأسبوع الثاني أو الثالث، ولا يوجد تحرك على المستوى العالمي الذي يناسب هذه الكارثة، فقد فسدت الأرض وأصبحت بوراً لا تصلح للزراعة، المحصولات التي كانت مزروعة كلها جرفتها السيول، وفسدت، ومئات الألوف من المواشي كالأبقار والجاموس والأغنام كلها نفقت غرقاً، واقتصاد السودان يقوم على المواشي، فلم يبق عندهم شيء.

أيها الأحباب الكرام: إن من واجبنا كمسلمين، والله قد أمرنا في القرآن بالإنفاق، أن نهب مبادرين إلى لجنة مسلمي أفريقيا، مركزها في مجمع الأوقاف، وأن نتصدق على إخواننا ما استطعنا بالمواد النقدية والعينية والغذائية، وحكومة الكويت مشكورة، جنّدت طائرات الشحن في الجيش الكويتي لنقل هذه الأغذية يومياً بلا انقطاع، وتفادت سقوط الأمطار عليها، فوفرت لها من الأغطية التي تحميها من الماء المتسرب لإفسادها، فبادروا أيها المسلمون، ولتكن هذه الصدقة التي تقينا مصارع الغفلات، ومصارع السوء الذي حذر منها النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن يقول: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له وله أجر عظيم. يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم).

إنه نور الصدقة، إنه نور الإنفاق، ورب صدقة ستأتي تنادي يوم القيامة، أنا إيمان فلان، أنا إيمان فلانة، وعندما أنزل الله هذه الآية هبّ الصحابة وبادروا، فجاء أبو الدحداح، فقال يا رسول الله، عندي حديقتان، أقرضت ربي أحسن حديقة عندي، ثم انطلق وزوجته تلتقط الثمر مع أولادها، فقال يا أم الدحداح، أخرجي الصبية، إني أقرضت ربي حديقتي، وكان أحدهم قد وضع رطبة في فمه، فأخرجتها أمه وقالت لا تحل لك الآن يا بني، إن أباك أقرض ربك حديقته، وخرجت، ولم تقل لماذا لا تدعها للمستقبل الأسود، لماذا لا تدعها للأولاد، إننا محتاجون الآن، ولكن المرأة المسلمة هي هي التي تربت مع الجيل القرآني الفريد.

ولما استشهد أبو الدحداح في معركة أحد، وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه ودماؤه مع شعره في التراب، يحمل رأسه ويدعه على فخذه، ويقول: "رب عزق الآن مدلل لأبي الدحداح في الجنة".

إننا والله نريد مثل هذه البشرى، التي بُشّر بها أبا الدحداح أن تصل إلى كل واحد فينا، وهذا باب من أبواب الخير، فتحه الله في السودان، فبادروا أيها المسلمون.

(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم، ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون).

(من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة والله يقبض ويبصط وإليه ترجعون).

(يقبض ويبسط)، الانقباض في السودان، والانبساط هنا، والبسط، فالذين عندهم بسطة من المال، يمدون إخوانهم هناك، والدنيا ابتلاء وبلاء، ليبلوكم أيكم أحسن عملاً.

اللهم إنا نسألك أن تفرج عن إخواننا في السودان، اللهم إنا نسألك أن تفرج عن إخواننا في السودان، اللهم ارحم ضعفهم يا رب العالمين، اللهم ارحم ضعفهم يا رب العالمين، اللهم أصدر أمرك المبارك الكريم، كما أصدرته يا رب العالمين، يا سماء أقلعي، يا سماء أقلعي، يا سماء أقلعي، يا أرض ابلعي ماءك، يا أرض ابلعي ماءك، يا أرض ابلعي ماءك، إنك أرحم الراحمين، وإنك رب العالمين، نستغيثك يا الله، وعدك الذي وعدت، إنك لا تخلف الميعاد، اللهم لا تستأصل أمة محمد، إنها أمتك وعيالك، اللهم إنا نسألك أن ترحمهم برحمتك الواسعة، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، إنهم جياع فأطعمهم، إنهم عراة فأكسهم، إنهم مرضى فشاهم، إنهم مشردون فاجمعهم، اللهم آمن روعاتهم، واستر عوراتهم، وخفف لوعاتهم، وحنن عليهم عباداً من عبادك ينصرونهم، إنك على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة.

أما بعد أيها الأحباب الكرام: ومأساة شديدة، وجديدة، لضياء الحق الذي انطفأ، ومع أننا نخالفه في كثير من توجهاته، وقراراته، ولكننا نذكر له حسناته التي قدمها قبل أن يُغتال، فقد احتضن الرجل الجهاد الإسلامي أكثر من 9 سنوات، الجهاد الأفغاني، فتح له بلاده، ويسر له حدوده، وأنشأ معسكرات التدريب على أرض باكستان، واستقبلت حدودها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وتمازج الشعب الباكستاني المسلم، بالشعب الأفغاني المهاجر المجاهد، فصار شعباً واحداً مع فقره، يقتسم لقمة العيش مع المهاجرين، ويصبروا على كثرتهم وازدحامهم.

لقد كان ضياء الحق، من أقطاب نصر الجهاد الإسلامي في القرن العشرين، حسنة نذكرها له ولا ننساها.

المجاهدون الأفغان يعرفون حقيقة ما أقول، وقد كان من تواضعه أن يدخل عليه عبد رب الرسول سياف، في اللحظات الأخيرة من الجهاد الإسلامي، وعند تقرير قيام الدولة الإسلامية، في أفغانستان، كان سياف يدخل على ضياء الحق، وقد أخبرني بنفسه، بكامل سلاحه وحرسه، ويمسكه من ثيابه ويهزّه كما يهزّ أحد جنوده، ويقول: يا ضياء الحق، اتق الله في أفغانستان، اتق الله في الجهاد، اتق الله في مليون نصف شهيد، اتق الله في ثلاثة ملايين ونصف مهاجر، أن توقع توقيعاً واحداً تجهض فيه الجهاد، أو تطرد فيه المهاجرين، إن آلاف الشهداء والجرحى سيوقفونك عند الله يوم القيامة، فكان يخاف من الله أن يوقع توقيعاً واحداً يجهض فيه الجهاد الأفغاني، ولما خالفه رئيس وزرائه على هذا طرده ولم يعبأ به.

والعالم يشهد وقوف هذا الرجل مع المجاهدين، أي دولة في العالم، قريبة أو بعيدة، تستطيع أن تفتح من معسكرات التدريب التي استوعبت العرب من جميع الدول العربية وشبابها، وقدمت فلذات أكبادها، وسقطوا على أرض أفغانستان شهداء لله رب العالمين، أي بلد من الدول العربية أو الإسلامية، التي تزج بالإسلاميين في السجون والمعتقلات، والتي تصادر حرياتهم، والتي تحاسبهم عند الحدود، ومراكز العبور، على أشرطة الكاسيت، وإن وجدت عند أحدهم جهازاً يصيد فيه العصافير كانت التهمة، التخطيط للإطاحة بنظام الحكم.

أي دولة تستطيع أن تفعله ما فعله ضياء الحق في بلاده، حسنة نذكرها له، نسأل الله أن تكون شفيعتها عند الله يوم القيامة.

ثم الذي أزعج الكافرين، أنه يريد أن يتخذ، بل اتخذ القرار على إقامة الحكم الإسلامي على باكستان، كما ذكرت في إحدى الخطب، وهذا الذي يزعج تماماً دول الكفر، فقد حرصت على تمزيق شعبه، وجعلته في الداخل أحزاباً، الباطنيون بجميع أنواعهم، وعلى رأسها ابنته "بوتو" التي تقول لما جاءها خبر اغتياله بالطائرة مع أركان جيشه، وهم أكثر من 37 رتبة عسكرية، تقول إنها غير آسفة، على اغتيال ضياء الحق.

لماذا غير آسفة؟

لأنها باطنية حاقدة، تريد أن تقضي على الجهاد الأفغاني، وتقضي على أهل السنة والجماعة في باكستان.

غير آسفة، لأنها صديقة للروس، وصديقة للشيوعيين وصديقة لعبّاد البقر، ودولة الهند هي أخشى دولة تخاف من باكستان، بعد أن فتحت صدرها لأفغانستان، بل والله، إن أمريكا وروسيا، لتوجل الوجل الشديد، لو قامت دولة المجاهدين في أفغانستان، وتم بينها وبين باكستان الاتحاد، فكانت باكورة الولايات المتحدة الإسلامية، بين باكستان وأفغانستان، إنها ستحرك الشعوب المستضعفة، وستعود الخلافة الإسلامية الموعودة، إن هذا يزعج الكافرين سريعاً، فكان الحل السريع أن يُقضى على ضياء الحق، ويظنون أنه بقتله، سيقضون على الجهاد الإسلامي في أفغانستان، ولكن هيهات، هيهات، إن الله الذي نصر الجهاد الأفغاني بخمسة، معهم عصي وحديد، قادر على أن يقيم لهم دولتهم، كما أنه قادر على أن يقيمها على أرض فلسطين.

أيها الأحباب الكرام: مآسي أمتنا كثيرة، ولكن الأمل بالله كبير، وبهذا الدين عظيم، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر الجهاد والمجاهدين، على أرض فلسطين، وعلى أرض أفغانستان، وأن تكون هذه الابتلاءات كالشجرة التي طالت غصونها وتهدلت، فلما جاءها التقطيع من كل جانب، اشتد عودها، طاب ثمرها، وارتفعت أغصانها، واخضرت أوراقها، هذه هي أمة الإسلام، تنتقل من بلاء إلى بلاء، ولكنها في النهاية ستكون ثابتة، ضاربة أصولها في الأرض، مرتفعة أغصانها إلى السماء، إن الله الذي يحميها ويكفيها، قادر سبحانه وتعالى أن يحفظها، فالمؤامرة على الإسلام كبيرة، ولكن الله يقول: (إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمهل الكافرين أمهلهم رويداً).

عزاؤنا، إلى أمة الإسلام، بمقتل ضياء الحق.

اللهم انصر المجاهدين في أفغانستان وفلسطين وفي كل مكان، هو ولي ذلك والقادر عليه.

اللهم أنت الذي تعطي، وأنت الذي تأخذ، وأنت حسبنا ونعم الوكيل، فنسألك اللهم أن تدفع عن هذه الأمة المحن والفتن، إنك على ذلك قدير، اللهم رد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، اللهم ألف على الخير قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واهدهم سبل السلام، إنك على ذلك قدير، اللهم إنا نسألك المؤزر المبين، لإخواننا المجاهدين على أرض فلسطين، وارزقنا صلاة طيبة في الأقصى الشريف، اللهم اجعلنا نشد إليه الرحال، غير خائفين من اليهود ولا غيرهم، اللهم اذبح اليهود في أرض فلسطين واجعله هدي العالم، اللهم اذبح اليهود في فلسطين، واجعله هدي العالم، اللهم وعدك الذي وعدت إنك لا تخلف الميعاد، كما النبي صلى الله عليه وسلم: "تقاتلكم اليهود، فتقتلونهم، حتى يقول الشجر والحجر يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فاقتله"، اللهم احص اليهود عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم جمد الدماء في عروقهم، وأخرجهم كالمجانين في الشوارع، يتلاعب بهم الصبيان، اللهم سدد رمي إخواننا الأبطال في فلسطين، اللهم سدد رميهم، واجبر كسرهم، وخفف وطأة أعدائهم، اللهم فرج عن إخواننا المعتقلين في سجون أنصار، اللهم خفف عنهم، اللهم ثبتهم، احفظ دينهم، وصن أعراضهم، واحقن دماءهم، وسلم عقولهم، ووحد عقيدتهم، اللهم انصرهم بنصرك المؤزر المبين، اللهم اكشف همهم، وادفع غمهم، ونفّس كربهم، إنك على ذلك قدير.

(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أعظم، والله يعلم ما تصنعون.

تحميل