الأربعاء 05-نوفمبر-2025 - 14 جمادى الأول ، 1447
اليوم 291 وقصص جهادية
خطبة جمعة
اليوم وقصص جهادية
الحمد الذي جعل اليهود عبرة لمن اعتبر، فأذلهم برمية حجر، وهو الواحد الذي هزم ونصر، لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.
وأشهد ألا إله إلا الله، شهادة ألقى بها الله، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وأصلي وأسلم على قائدي وحبيبي وقرة عيني محمد بن عبدالله.
وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والصحابة أجمعين، ومن جاهد بجهادهم إلى يوم الدين.
أما بعد، عباد الله..
إني أحبكم في الله، وأوصيكم ونفسي بتقوى الله؛ (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق).
أيها الأحبة..
اليوم الجمعة الثاني عشر من صفر عام 1409 الموافق ليوم 291 من أيام الانتفاضة المباركة، ومن هنا من منبر الدفاع عن المسجد الأقصى في الكويت، وإلى جميع المسلمين المجاهدين هناك على أرض فلسطين، وإلى جميع القوات الضاربة من البحر إلى النهر، وإلى أسود قنابل المولوتوف، وأشبال غزاة غزة، وإلى الأبطال الرماة بجميع الأسلحة الفتاكة، من أفواج الحجارة الصغيرة إلى المتوسطة إلى الكبيرة إلى فيالق المقلاع والمرابطين بالنباطة والمرجان، إلى جميع العاملين في مصانع البطاطا المسمرة، وزجاجات المولوتوف الحارقة، وقطع الحديد الخارقة في كل فلسطين، إلى جامعي التيل في الجواب للقصف المتواصل، إلى جميع ناقلي صخور الموانع والمتاريس وحافري الكمائن، ومشعلي الإطارات وعلب الفليت المتفجر.. وإلى من وراءهم.. الأمهات والأخوات والمعتقلين والمعتقلات، والمبعدين.. إليكم جميعاً أزف بشرى القرآن في هذه الآيات.
قال تعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ {193} رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ {194} فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ {195} لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ {196} مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ {197} لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ) (آل عمران).
أيها الأحباب الكرام..
هذه بشرى للمجاهدين الثابتين المرابطين على أرض فلسطين، ومن أصدق من الله قيلاً! ومن أصدق من الله حديثاً! قوله الفصل، (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ)؛ تقلّب؛ وهم الكفار الذين يبغضهم الله، وأبغض أنواع الكفار هم اليهود (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ).
فابشروا أيها الأبطال، أبشروا بمصير المجاهدين، ولتفرح قلوبكم بمصير اليهود، المجاهدون في نزل كريم عند الله، واليهود مأواهم جهنم وبئس المهاد.
طفل خذلناه فصاغ قرارا
حشد الصخور.. وجنّد الأشجار
ماذا عليه إذا الرجال تخاذلوا
أن داس أشباه الرجال.. وسار؟!
ولقد تفرّس في الوجوه
فلم يجد إلا صريع الغدر أو غدَّارا
مدّ الجسور إلى جيوش ظنَّها
ستحيل ليل الغاصبين نهارا
لكنه نسف الجسور لعلمه
أن الخيانة لا تحرر دارا
ومضى وحيداً لا يوجه وجهه
إلا لرب قدَّر الأقدار
آمنت بالصبح القريب لأنني
آنست في الوادي المقدس نارا
ناراً ستأكل كل شيء حولها
حتى تحدّد للضياء مسارا
ستمرّ من عفن القصور جميعها
تغزو الثقوب السود والأوكار
للنار ومض في الجماجم لاهب
يجلو الرؤى، ويطهر الأفكار
هذا خريف الفكر يقضي نحبه
والمرجفون لما يرون سكارى
والنصر يقفز من نوافذ مصحف
فبأي شيء بعده تتمارى؟
من شاهد القرآن يمشي
والورود تقول.. والتقوى تصير شعارا؟
من شاهد المولود يترك مهده
ويقوم كي يتسلق الأسوار
من كان يحلم أن دمع حزينة
سيصير بحراً هائجاً هدارا؟
من ذا يصدق أن كفاً غضة
ستهز عرشاً أو تفك حصارا؟
أو أن عوداً من ثقاب واحداً
ملأ الظلام بأسره أقمارا
أرأيت للأطفال كيف تحوّلوا
صحفاً تدور وتنشر الأخبار
عن ذئبة، عجب الذئاب جميعهم
من مكرها وغدو قطيع حيارى
نزعوا عن الجزار زيف قناعه
وبدون نار ألبسوه النار
من ذا يصدق أن طفلاً بائساً
كسب الشعوب لصفّه أنصارا
أو أن عكازاً بكف مسنة
يثني الحديد ويعكس التيار
في موطني من علّم الأطفال
أن تهوى الجهاد وتكتب الأشعار
يا جيل أطفال الحجارة
يا تلاميذاً صغاراً كتّفوا إعصارا
كيف المصاحف أزهرت؟
بل كيف أسراب الحمام تحولت ثوارا؟
آمنت بالإسلام بالقرآن بالجهاد حلاً حاسماً
نعلو به ونروِّض الأخطار
وأزفّ إليكم البشرى التي نشرتها الصحف في هذا اليوم، ذكرت وكالة «رويترز»: بينما عدو الله رابين يتجول ليدخل في أحد المتاجر، إذا قام المجاهدون الفلسطينيون برمي حجر من الإسمنت من فوق سطح مبنى قريب، ارتطم بشرفة على بُعد نحو خمسة أمتار، أدى تساقط حجارة في الشارع، وتناثرت فوق رأسه ومن معه، واصطحب الحرّاس رابين على وجه السرعة في سيارة مضادة للرصاص في الوقت الذي تطاير فيه المزيد من الحجارة، وفوق سقوط الكتلة الخرسانية، انطلق الجنود اليهود في الشوارع يبحثون عن المهاجمين، وأسرع خلفهم الميجر جنرال إسحاق موردخاي، قائد القطاع الجنوبي، صائحاً: لا تفقدوا السيطرة، وفي حالة الفوضى أثناء مغادرة موكب رابين، لم يتضح ما إن كان قد تم اعتقال أحد.
وولى رابين الأدبار، وجاءت الصحف تحقق معه في الحادث، فقال: لا أر شيئاً، لقد أصيب بعمى البصر، كما أصيب بعمى البصيرة، الرعب أعماه، أصبح لا يرى إلا الفرار من حجارة متناثرة سقطت عليه من فوق، إنها عبرة (لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق: 37).
حجارة تجعل قائدهم يفر، أين الصواريخ؟ أين المدافع؟ أين الحروب التي تدوم بين العرب والمسلمين عشر سنوات أو تزيد؟!
يفرون من الحجارة وقائدهم ينادي الجنود المضطربين: لا تفروا، لا تفقدوا السيطرة!
ثم، أيها الأحباب الكرام، انفجرت أمس اشتباكات عنيفة بين المواطنين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وذكرت برقيات الأنباء أن حوالي خمسين فلسطينياً قد أصيبوا بجروح مختلفة، اختناقات.. تسمم.. اشتباكات، ثم ماذا حدث لليهود؟
هوجموا بزجاجات حارقة وقنابل المولوتوف وقذائف الأطفال من الحجارة، والمسامير والبطاطا، ماذا حدث للدوريات هناك في الخليل ورام الله ونابلس وبيت لحم؟ أسفر عن تدمير خمس سيارات جيب، وناقلة، وإصابة سبعة جنود صهاينة بينهم ضابط بجروح مختلفة وحروق.
وذكرت هذه الأنباء أن إحدى المجموعات الضاربة من الشباب الفلسطيني هاجمت بالقنابل الحارقة منزل وزير الصناعة والتجارة «الإسرائيلي» الإرهابي أرئيل شارون في القدس المحتلة، وأشعلت النار في بعض أجزائه، فيما هاجمت مجموعة أخرى بالحجارة سيارة الحاكم العسكري الصهيوني لمدينة رام الله، وأصابته بجروح في الوجه والرأس.
وفجّرت مجموعة ثالثة من الشبان الفلسطينيين عبوة ناسفة في إحدى أندية الجنود الصهاينة في مدينة نهاريا على فلسطين المحتلة عام 1948م؛ مما أدى إلى احتراق النادي ووقوع إصابات في صفوف روّاده، في حين قامت مجموعة رابعة بإشعال النيران في مائة دونم من المزارع، وعدد من المستوطنات الصهيونية.
هل استطاع جيش عربي واحد أن يفعل ذرة من هذا؟ لا.. حاشا لله أن يفعلوا، وإني أنصح قوات الدول العربية والإسلامية المسلحة أن يضعوا قطعاً من الحجارة الصغيرة فوق أكتاف الجنود والضباط والقيادات بدل نجوم الذهب والفضة، لعل الحجارة الصغيرة المستوردة من أرض فلسطين التي مسّتها يد المجاهدين، لعلها تحرّك عند ضباطنا ساكناً، وتذكّرهم أن القدس و«الأقصى» لا تُفتح بنجوم من ذهب، وإنما تُفتح بقلوب خاشعة، وأجساد راكعة، وعيون دامعة، وأيد متوضئة.
أحبابنا في الله..
وهذه قصة دفن شهيد، صاغها الشاعر الصيام بقصيدة يقول:
وجلست أسمع ذات يوم للشباب الثائرين
قصصاً تشيب لها النواصي من فعال المجرمين
قالوا: خرجنا من صلاة الفجر يوماً صامتين
إلا من التكبير والتهليل في غضب دفين
متوجهين إلى المقابر بالشهيد مرددين
الله أكبر والجهاد سبيل أشبال العرين
الله أكبر والرباط على ثرى الأوطان دين
الله أكبر والشهادة مبتغانا أجمعين
وإذا بزخات الرصاص على رءوس الهاتفين
وتساقط الشهداء والجرحى مئات آخرين
وانتابنا الهم الذي يفري بجدته الكبود
واحتار أكثرنا أنمضي بالجنازة أم نعود؟
ومتى وكيف سينتهي الطغيان من أرض الجدود؟
لقد انتفضنا والقضية لم تعد طي الجمود
وصحا على صوت انتفاضتنا المباركة الوجود
والشعب حطم كل ما فرضوا عليه من القيود
والعالم العربي يتركنا لأبناء القرود
ويغط في النوم العميق ولا يمل من الرقود
ورنا الشباب إليَّ: كيف نرد غطرسة اليهود؟
كيف التصدي للسلاح؟ وكيف نفتك بالجنود؟
قلت: اشدخوا كل الرؤوس الطاغيات البلشفية
واستأصلوا من أرضنا تلك العصابات الدنية
وارووا ثرى القدس المقدس من دمائكم الزكية
وتحدوا الإرهاب واقتلعوا جذور العنصرية
يا أيها الجيل الذي أعطى لأمته الهوية
لا ترهبوا الموت الزؤام فإنه قدر البرية
قولوا ليسمع كل ذي صممٍ بأمتنا الأبية
ويرى الحجارة وهي تصمد في وجوه المدفعية
ومضيت أنفث في الشباب الثائرين لظى الحميه
وإذا انفجارٌ من بعيدٍ تَسمع الدنيا دَوِيَّه
وتعالت الأصوات: ألا ترهبوا المتغطرسين
لا ترهبوا الطيران يقصف من شمال أو يمين
والمدفعية وهي تهدي الموت للمتظاهرين
فالموت في صد الطغاة ورد ظلم الظالمين
وقتال مصاص الدماء ونصرة الحق المبين
شرفٌ ومفخرةٌ ومرضاة لرب العالمين
هيا نُقَوِّض الاحتلال وجنده المستهترين
هيا ارجموهم بالحجارة رجم إبليس اللعين
وإذا الحجارة وابل يدمي وجوه المعتدين
فيفر أكثرهم، ونمضي بالجنازة مسرعين
وهناك في أرض المقابر رفرف العلم المفدى
ليقول للدنيا بأن الشعب أصبح مستعدا
وسيحرق المتجبرين ويسحق الخصم الألد
ويصد عن أرض الجدود قوافل الغازين صدا
والله سوف يمده بالعزم والتصميم مدا
وتشابكت أيدي الشباب تخط للأوطان عهدا
سنحطم الطغيان سوف نهد ما يبنيه هدا
ونشد بالعزم القوي على جنود البغي شدا
ومن الجماجم، من جماجمنا سنبني اليوم سدا
يحمي حمى الأقصى وعنه يرد موج الظلم ردا
وبعد هذا العهد دفنوا الشهيد، وتفوح روائح المسك من قبره، آية من الله، من مات في سبيل الله لإعلاء كلمة الله مجاهداً أعداء الله فليبشر بحياة خالدة، روحه في حواصل طير خضر، ترتع في أنهار الجنة، تأوي إلى قناديل الذهب المعلقة في عرش الرحمن.
أحبابنا الكرام..
وتتطهر سواحل غزة -هكذا نشرت الصحف عندنا- تسير في سواحل غزة، وأمواج البحار الطاهرة «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» يغسل ضفاف غزة، فلا تجد امرأة عارية تسبح على الساحل، بل لا تكاد تجد امرأة تكشف شعرها، حيث إن شباب الانتفاضة وبالأخص من «حماس» شكلوا فرقاً تسير على الساحل، ينادون: (يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) (النمل: 18)، أيها الكاسيات العاريات، إنما الهزائم تأتينا من المعاصي والسيئات، تسترن أو ارحلن عن فلسطين، فإن فلسطين أصبحت الآن مسلمة.
والأطفال الصغار يحملون بأيديهم الطماطم والحجارة، وأي امرأة تعاند فتكشف جسدها الذي حرمه الله يأتيها الرجم من كل جانب، هذه هي الأمة التي تنتصر.
عزاؤنا في سواحلنا، وما أدراك ما سواحلنا! اذهبوا وانظروا، الشباب المتسكع، الكاسيات العاريات، الكافرات من الأجانب لا يجدن السياحة إلا على سواحل الدول العربية والإسلامية، لا تنتصر الأمم إلا بطاعة الله ورضوانه.
أيها الأحباب الكرام..
وبين الحين والحين يقوم تلاميذ مدرسة ابتدائية أو متوسطة أو ثانوية فجأة برفع العلم الفلسطيني، ثم استخدام مكبر الصوت لإذاعة المدرسة فيقولون: نعلن نحن شباب الانتفاضة في القرية أو المدينة أو الحارة أو المخيم أو أي مكان هم فيه أن مدرستنا الآن استقلت عن اليهود، وما إن يسمع اليهود بهذا إلا ويأتون بمدرعاتهم ومجنـزراتهم وطائرة الهليكوبتر ترفرف فوق المدرسة، وهجوم كاسح على مدرسة ابتدائية أو متوسطة.
روح الجهاد تسري في الأطفال فيتحولون إلى أبطال!
اللهم علمنا كما علمتهم.
اللهم نسألك لأمتنا قائداً ربانياً له قلب طفل من أطفال الحجارة.
اللهم إنا نسألك لأمتنا قائداً ربانياً عسكرياً مجاهداً يعرف كيف يستخدم كمائن الحفر، والبطاطا المسمرة، وكيف يضرب بالمقلاع ليقلع اليهود عن الأقصى وفلسطين.
أيها الأحباب..
ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد، أيها الأحباب الكرام..
لا أكتمكم خبراً؛ إنني منذ ثلاثة أسابيع وأنا مريض في صدري، لا أستطيع أن أتكلم أو أتنفس، قسماً بالله ما إن أرتقي على هذا المنبر، أو أتكلم عن فلسطين إلا ويذهب الربو الذي في صدري، وينطلق نفسي ولساني بإذن الله رب العالمين.
آية لمستها من بركة «الأقصى»، والدفاع عن «الأقصى»، وأتمنى أن تكون سائر ساعات يومي هنا على هذا المنبر لأتنفس كما يتنفس الناس.
تمر دورية من اليهود، فيقوم طفل في سن العاشرة، ومن فوق سطح داره وحوله الأطفال، والأطفال تحت الجدار، فماذا يفعل هذا الطفل في العاشرة؟ واليهود يمرون بالجيب المكشوف، فيأخذ باذنجانة بحجم القنبلة، ثم يقطع عنقها الأخضر بفهم هكذا ويصيح خذوا أيها اليهود، وما إن تنـزل حبة الباذنجان عليهم إلا ويتقافزون من السيارة وينبطحون على وجوههم وينتظرون الانفجار، ثم إذا بهم يسمعون انفجار قهقهة الأطفال عند الجدار الذين ينـزلون عليهم وابل الحجارة، ثم ينطلقون مع الرياح، فيقوم اليهود، ينفضون الغبار عن بدلاتهم العسكرية، وبنادقهم الأوتوماتيكية، ويصعدون مرة ثانية إلى سيارتهم، ومعهم الذل والعار من حبة باذنجان بيد طفل في العاشرة.
ويخترع اليهود مدفعية جديدة تلتهم الحجارة الكبيرة وتكسرها ثم تضربها مرة واحدة على الأطفال، فجاء طفل وقال: السلاح المضاد عندي، صنعته البارحة في المطبخ، وإذا بكيس من البطاطا قد غرز به مسامير طويلة، وما إن جاءت هذه السيارة بعجلاتها تلتهم الحجارة من على الموانع، حتى ألقوا البطاطا تحتها فداستها، فنـزل الهواء من العجلات، وبركت على الأرض، لا تستطيع الحراك، فذهب اليهود وأحضروا رافعة، يجرون قاذفة الحجارة، بسلاح من البطاطا المسمرة بأيدي أطفال!
والعجب كل العجب عندما يضرب اليهود الحصار، ومنع التجول وحظره في الليل، فيقوم الأطفال بصيد القطط، وتخبئتها في النهار، فإذا جاء الليل أحضروا العلب والصفائح وربطوها بأذيال القطط، وعندما تمر الدوريات تتجول يطلقون القطط في الظلام، فيسمع اليهود أصوات العلب والصفائح تقرقع من بعيد قادمة إليهم، فيأخذون أهبة الاستعداد، وما إن تقترب في الظلام حتى يطلقون النار في كل اتجاه، وإذا هي قطط تتسلق الجدران وتختفي في الدور: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) (المنافقون: 4)، هكذا أذلهم الله بأذيال قطط، وعلب من الصفيح، وحجارة، وبطاطا!
وترى جندياً من اليهود بعد أن بكى وأرهقه التعب، واستند إلى جدار وعود اللاسلكي ظهر من خلف الجدار، فيأتي طفل صغير بهدوء، ويربط عليه علماً لـفلسطين بهدوء، ثم يأتي أطفال من الجانب الآخر إلى الجندي، فيرجمونه بالحجارة فيجري خلفهم، والعلم يرفرف على جهاز الاتصال وهو لا يدري، والجنود يجرون خلفه، يظنون أنه فلسطيني قد تنكر، وما إن يهموا عليه بالضرب وإذا وجهه وجه قرد أو خنـزير!
إن فلسطين آية وعبرة.
أحبابنا في الله..
التاريخ الآن يقف مدهوشاً متعجباً لما يحدث هناك على فلسطين!
أحبابنا في الله..
لا نملك لهم إلا الدعاء، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحررنا في أوطاننا من عقدة الخوف، ويجعل شتات أمتنا دولة، وخوفها أمناً، ويأسها رحمة، وقنوطها رجاء، وأن يجعل ضعفها قوة، وأن يحول قعودها جهاداً إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا، يا من لا يرد أمرك، ولا يهزم جندك نسألك أن تنصر المجاهدين في فلسطين، اللهم أحص اليهود عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، اللهم أفشل خططهم، وجمد الدماء في عروقهم، اللهم أصبهم بأمراض الإيدز، وسلط عليهم جنداً من جندك، فإنه لا يعلم جنودك إلا أنت يا رب العالمين.
اللهم ائت اليهود من فوقهم ومن بين أيديهم ومن خلفهم، اللهم ائت اليهود من تحت أرجلهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر يا رب العالمين، وفرّج عن إخواننا في سجون أنصار، اللهم فرج عن إخواننا في سجون أنصار، اللهم كفكف دموع اليتامى والإماء والأرامل، يا رب العالمين.
اللهم إنهم حفاة فاحملهم، وعراة فاكسهم وجياع فأطعمهم، وعالة فأغنهم إنك على ذلك قدير.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون.
فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.