الأربعاء 05-نوفمبر-2025 - 14 جمادى الأول ، 1447
الرد على الفنانين الساخرين من الدين
الـتـعـريف بالـخـطـبة
لأهل الفن والتمثيل دور خطير في انحدار الأخلاق وانحلال المجتمع، ولقد انبرى للدفاع عنهم ونشر أفكارهم وأعمالهم الخبيثة ثلة من أبواق الإعلام، ولذا كان من الواجب على المجتمع أن يقاطعهم ويوقفهم عند حدهم.
عـنـاصـر الـخـطـبـة
أســـئلة حــائـــرة
حــين يطــارد النســاء الرجال
حــين ترعــــى الذئــاب الغــنم
دفــاع عن الممثلين والممثلات
علاج المجتمع ضد العفن الفني
ولا ينــبــئــك مـثــل خــبــيــر
الــمــقــدمــة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه
ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله.
أما بعد..
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي
هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة
ضلالة، وكل ضلالة في النار.
عباد الله..
أوصيكم ونفسي بتقوى الله، حيث أمرنا في
كتابه الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ
وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102)، وأعطانا
الأمان النفسي والمعيشي بالتقوى فقال: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ
مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق)، وأعطانا الضمان لذرياتنا من بعدنا
فقال: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً
ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً
سَدِيداً) (النساء: 9).
ثــنـــاء ودعـــاء
اللهم لك الحمد حمداً كثيراً طيباً
مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، حمداً خالداً مع خلودك لا منتهى
له دون علمك، ولا منتهى له دون مشيئتك، ولا أجر لقائله إلا رضاك والنظر إلى وجهك
الكريم في جنات النعيم.
اللهم لك الحمد من يوم أن كنت ولم يكن
شيئاً، ولك الحمد أبد الأبد كما ينبغي لأسمائك الحسنى، وصفاتك العلا، ووحدانيتك،
وكما ينبغي لحلمك بعد علمك، وكما ينبغي لعفوك بعد مقدرتك، حمداً عدد ما أحاط به
علمك، وخط به قلمك، وأحصاه كتابك، وبلغ فيه لطفك، وأدركه بصرك، وقهره ملكك، ووسعته
رحمتك، ورضيته نفسك، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع
لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
اللهم لك الحمد تتابع برك، واتصل خيرك،
كمل عطاؤك، وعمت فواضلك، وتمت نوافلك، وبر قسمك، وصدق وعدك، وحق على أعدائك وعيدك،
ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم إنا نسألك بعزك وذلنا إلا رحمتنا
يا أرحم الراحمين، ونسألك بقوتك وضعفنا وغنائك عنا وفقرنا إليك، هذه نواصينا
الخاطئة الكاذبة بين يديك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، عبيدك إلينا كثير، وليس
سيد سواك، نسألك مسألة المسكين، ونبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وندعوك دعاء
الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك
قلبه، يا من يجيب المضطر إلى دعاه ويكشف السوء، اكشف ما بأمتنا من سوء، بقائد
رباني يسمع كلام الله ويُسمعها، وينقاد إليها ويقودها، ويحكم بكتاب الله وتحرسه،
لا يركع للبيت الأبيض، ولا يخضع للبيت الأحمر، إنما قلبه في البيت العتيق، وقدوته
في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيادته في المسجد الأقصى، شعاره الوحيد:
نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبداً، فإذا جاءه التهديد من الغرب
أو الشرق، ناداهم بأعلى صوته:
ولست أبالي حين أُقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ
يبارك علـى أجــــزاء شـلو مـمـزع
وإذا
تفاخر القادة بالجيوش والعروش، صاح بهم قائلاً:
أبي الإسلام لا أبا لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
اللهم ألِّف على الخير قلوبنا، وأصلح
ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم حرم وجوهنا
ووالدينا من النار، اشف مرضانا، وارحم موتانا يا أرحم الراحمين.
أسئلة حائرة
أما بعد، أيها الأحباب الكرام..
لقد أثارت خطبة الجمعة الماضية كثيراً
من الآباء وأيقظتهم من نوم عميق، الخطبة التي كانت عن الجنس الثالث، وجاءني بعضهم
واتصل بي بعضهم من الآباء والأمهات، يقولون: أيها الشيخ، ماذا نفعل، وقد
أفقنا وإذا أبناؤنا لا يصلون، وإذا هم يمتلكون مئات الأشرطة من الفيديو لجميع
أنواع الأفلام الخليعة، الجنسية،
ماذا نفعل بها؟ وكيف نتصرف؟ بناتنا يحاولن السفر مع
الشركات (الجروب) مع صديقاتهن في العمل، أو الدراسة؟
كيف نفعل ببناتنا في الخارج وهن بعيدات عنا؟
أولادنا لا يطيعون أمرنا، لا يأتمرونا بأمرنا، لا يصلون، ماذا نفعل؟
وإننا نخاف على أولادنا أن يكونوا كالذين ذكرتهم
في الخطبة؛ الجنس الثالث، لا هو بالذكر، ولا هو بالأنثى، إنما هو مخلوق شاذ، حياته
في الأرض تعيسة، ويوم القيامة في النار وبئس القرار، وقالوا: نرجو منك أن تعطينا
العلاج، لعل الله سبحانه وتعالى يعيننا على أولادنا فيصلحون.
حين تطارد النساء الرجال
أيها الإخوة..
وأتاني أيضاً أخ وقال: لو تعلم أن هناك جنساً رابعاً
لتعجبت! قلت: كيف؟! قال: كنت يوماً أسير بالليل بسيارتي، في الدائري الرابع، وإذا
بامرأة بالليل واقفة، وقد أشعلت مصابيح السيارة، فظننت أنها تحتاج إلى مساعدة،
فأوقفت سيارتي أمامها ونزلت، فإذا هي في لباس النوم، فقلت لها: ما بك واقفة في
الليل تشعلين مصابيح الإنذار؟ فقالت: إنني أحتاج إليك، فقلت: وما نوع الحاجة؟!
قالت: أن تركب معي، فقلت: أعوذ بالله، أنا لا أصلح لك، أنا رجل متدين، ولحيتي في
وجهي، فقالت: إني أبحث عن هذا الصنف، يقول: ففررت منها وركبت السيارة، فقامت وصدمت
سيارتي من الخلف، وكسرت مصابيحها، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، فنزلت من جديد
من السيارة، وقلت لها: أعطني قيمة العطب وكسر المصابيح، قالت: أنا لا أملك شيئاً
الآن، اتبعني، ففلوسي في البنك، يقول: فسارت أمامي وتبعتها، فوقفت عند شقة وعمارة،
يقول: وغابت ثم عاد إليّ من هذه الشقة رجل سكران أحمر العينين، وقال لي: تفضل
بالدخول، قلت: أين؟ قال: إلى الداخل كي تعطيك الأموال، فقلت: لا أريد، أعطوني قيمة
سيارتي التي تكسرت، وإلا أشتكي عليكم في المخفر، يقول: فخرجت وأحضرت لي قطعاً من
الذهب وألقته عليَّ وقالت: إذا أردت أكثر فتعال داخل البيت، يقول: فأخذت الذهب
وفررت بنفسي، وأخذت منهم تلفونهم، يقول: وإذا في اليوم الثاني يتصلون ويأخذون
الذهب، ويدفعون المال، ويقولون: لقد فاتت عليك فرصة لا تقدر بثمن، يقول: فتعجبت!
فقد كنا نظن أنهم يبحثون عن الفاسقين، فأصبحوا الآن يبحثون عن المتدينين؛ لأنهم
أصبحوا لا يجدون اللذة مع من يمشي معهم، بدأت مشاعرهم تنتكس!
ويأتي إليَّ رجل آخر ويقول: هناك شقق لكثير من الفتيات، يجتمعن
ولكنهن يتصيدن في الطرقات من لا والي له، كالخادم الهندي، أو العامل البسيط،
يركبونه في السيارة، ويستمتعون سائر اليوم، ثم يلقونه في الطريق، قلت: لا حول ولا
قوة إلا بالله، قلت: كل هذا في بلدنا؟! قالوا: وأكثر، والقضايا التي لا تذكر في
المخافر لا يعلمها إلا الله.
وقال رجل ثالث: إن هناك تطلعات لبعض الفتيات أن
يتحولن من إناث إلى ذكور، وهن يحاولن السفر إلى أمريكا وأوروبا لإحضار نوع من
الهرمونات لتعاطيها فيتحولن من إناث إلى ذكور!
قلت: كنت أقرأ في الصحف أن هذه الأمور في أمريكا وأوروبا، قالوا: لا، القضية بدأت تغزو من خلال هذه السفرات والبرامج، والتمثيليات التي تبث كل ليلة، والصحف، والملاحق، كلها بدأت تربي الأجيال على هذا الأمر، قلت: زاد البلاء وعم وطم ولا حول ولا قوة إلا بالله.
حين ترعى الذئاب الغنم
منذ يومين تتصل بي ولية أمر، أم مسكينة، تبكي، تقول: يا شيخ،
خطبتك في جانب، وما يفعل زوجي في الأولاد في جانب آخر، أولادي صالحون، أحدهم يصوم
الإثنين والخميس، وإذا اكتشف أبوه أنه صائم وضع الطعام في فمه، وضربه ضرباً مبرحاً
حتى يبكيه، ويقول: إياك أن أراك تصوم، أو تمشي مع هؤلاء، تقول: ماذا أفعل، فقلت لها:
أرسلي ولدك إليَّ، فأرسلته في درس الثلاثاء في مسجد فاطمة في الضاحية، وإذا عمره
14 عاماً، يصوم الإثنين والخميس، يا إخوان، وجاءني وقال لي: أنا فلان، الذي أمي
اتصلت عليك بسببه، فمسحت على رأسه، ودعوت له، وقلت له: اثبت، ثبتك الله، ولا تطع
أباك هذا الظالم، الناس يتمنون صلاح الأولاد، وهو يتمنى فسادك، قال: لا أطيعه إن
شاء الله، سأطيع ربي ولو وضع السكين على رقبتي.
أيها الإخوة.. هذه بعض المأساة التي نعانيها
وما أفرزه الإعلام، وما أفرزته
الملاحق، وما أفرزته السفرات غير المراقبة، وما أفرزه الغناء والفن، هذا الذي
يحدث، هذا الذي نجنيه نحن من هذه الأمور، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
يذكر لي أحد الإخوة العاملين في المطار
حول حوادث مهرجان الخليج والهوليداي إن، والاحتفالات التي تمت، يقسم بالله أنه حسب
شنط وحقائب فساد (سعاد) حسني، الممثلة التي جاءت، يقول: أعددت لها 40 شنطة، لم يتم
فتحها أو تفتيشها، ومرت هكذا 40 حقيبة، ومع هذا يدافعون عنهن في الجرائد والمجلات.
دفاع عن الممثلين والممثلات
إن الذي يدافع عن الممثلين والممثلات
اللواتي يهدمن أخلاقنا كل يوم، وكتب في الجرائد، والمجلات، رأيته العام الماضي في
الحج، ورجوت له عند الله خيراً، وأظن أنه سلّم عليَّ بحرارة وأراني نفسه، وقلت
أرجو له الخير، فلما رأيته يدافع عنهن في الجرائد والمجلات سقط والله من عيني، وأن
حجه وصلاته ما هو إلا تستر؛ لأن هذه من صفات المنافقين، يصلون خلف النبي، ويجاهدون
معه، ويتسترون على ظلمهم، فإذا جاءت الفرصة بثوا سمومهم ولا حول ولا قوة إلا
بالله.
فليأتِ الآن، ليجرب معي حظه مرة ثانية،
ليصافحني، لأدفعه على صدره دفعة لألقيه على قفاه، لأننا يجب أن نحتقر المنافقين،
ونحتقر الدجالين، الذين يتسترون على هذه المحرمات.
ويذكر لي أحد الإخوة في قدوم الممثلين
والممثلات في المطار، يقول: والله يا شيخ، رأيت بعيني إحدى المحجبات جاءت ورجال
الأمن يمسكونها في المطار، وتقول: دعوني أستقبل عادل إمام والممثلين والممثلات،
لكي أبث لهم حبي وأشواقي، يقولون: استحي أنت محجبة! تقول: ما لكم شغل، اتركوني،
والناس يضحكون عليها! لا شك أنه تشويه للحجاب، وأنا متأكد ولو أقسمت ما كنت كاذباً
في قسمي أنها مستأجرة، وحجابها مستأجر لتشويه الدين وتشويه الإسلام وتشويه مبادئ
الإسلام.
كيف نحصن المجتمع ضد الفن العفن
أيها الإخوة.. أيتها الأخوات.. أول علاج لأنفسنا ولأولادنا:
1-احتقار هذا الصنف، وإيجاد حجز نفسي
عند أولادنا.
إنني في أحد الأيام كنت راكباً في
السيارة، وأولادي معي، فقالوا: يا بابا، انظر، إنه ممثل يطلع في التلفزيون، قلت:
اتفلوا عليه، فقالوا: لماذا؟ إنه يطلع في التلفزيون، فقلت: هذا الذي يخرب أخلاقكم،
وهذا الذي يفسد دينكم وعقائدكم.
وكان هذا الممثل يلوح للأولاد بيديه
نظرة غاضبة، ولم يبتسموا في وجهه، فقلت: هذا هو العلاج الذي يجب أن نجعله في قلوب
أبنائنا، أن نجعل حاجزاً نفسياً تجاه هذا الصنف، إذا رأيناهم في السوق، أو في
الجمعية، أو في أي مكان، والأولاد أطفال لا يميزون، يا بابا، انظر، الممثلة،
الممثل، لا بد أن تذكره، أن هذا مدمر وليس ممثلاً، وأن معنى كلمة فنان في اللغة
معناها أعزكم الله «حمار»، لا بد أن تترجم له هذه الكلمة، وليغضب من يغضب، وليفرح
من يفرح، فإن كانوا يدافعون في الصحف عن هذا الجنس، فإنني أدافع عن أبناء بلدي من
فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولترب الأنوف، ولتنتفخ الأوداج، وليفعلوا
ما يفعلون، بعد ذلك.
إن سلامة أبناء بلدي ودينهم وعقيدتهم فوق الإعلام، وفوق تطييب خاطر الممثلين والممثلات، والمطربين والمطربات، أما كفاهم إفساد أبنائنا، وأولادنا، ودينهم وعقائدهم، ماذا نرجو منهم، وهم كل ليلة يبثون إلى منتصف الليل، ثم يستقبلونهم في الإذاعة وفي الذهاب إلى المدرسة، ويستقبلونهم في موسيقى المدرسة في الطابور، من خلال البرنامج اليومي، ثم يستقبلونهم خلال العودة من المدرسة بالإذاعة والمذياع، ثم بعد ذلك بالفيديو، ثم بعد ذلك بالتلفزيون، 24 ساعة، يدمرون العقيدة، والدين، والخلق، فلا تجد طفلاً، أحضر لي واحداً من أولادنا سمعته باختياره، قال يوماً: لا إله إلا الله، سبحان الله، الحمد لله، أنا أتحدى معظم الآباء في الكويت، إن كان سمع ابنه يوماً دون أن يأمره، سمعه دون أن يأمره يقول: سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا.. بل تسمعه يحفظ أسماء الممثلين والممثلات، والمطربين والمطربات، ويحفظ من الأناشيد التي يغنيها هؤلاء الناس، ومن جميع أنواع المطربين يحفظ كلماتهم وصورهم، ويقتنيها في قلبه، ويقتنيها في الألبوم في البيت، أهذا الذي نظنه عماراً، ألا إنه الدمار.
أول عمل تقومون به: إيجاد حاجز نفسي عند الأولاد، باحتقارهم لا باحترامهم.
الأمر الثاني الذي أنبه إليه الإخوة:
2- أن يصلح الوالد نفسه، قبل أن يصلح
أولاده، إن
كان لا يصلي فليصل، وإن كان يشرب الخمر فليقلع عن الخمر، فإنها حرام، وعشرة
ملعونون بشرب الخمر.
وإن كان يتعاطى الربا فليترك الربا،
وإن كان لا يصلي صلاة الجماعة في المسجد أو الجمعة، فليذهب ويأخذ أولاده بيديه مرة
بعد مرة، حتى يألفوا بيت الله سبحانه وتعالى.
ثم يأتي إلى جميع أشرطة الفيديو
الموجودة في البيت، أفلام مكدسة، ما أنزل الله بها من سلطان، وهذه هي الوصية التي
قلتها للرجل الذي جاءني في البيت، ثبته الله رب العالمين، قلت له: اذهب إلى جميع
أشرطة الفيديو باستثناء أشرطة عالم الحيوان، التي يستفيد منها الإنسان في الغابات،
فيرون خلق الله، وأفلام الكارتون الخالية من التبشير والتنصير، ثم يجمع الباقي
كلها في كرتونة واسكب عليها الجاز، واحرقها، فذهب، جزاه الله خيراً، في نفس
الليلة، وجمع أولاده، وقال لهم: تعالوا نجاهد في الممثلين والممثلات، قالوا: كيف؟
فجمعهم في كرتون، وسكبوا عليهم الجاز، وأشعلوها والحمد لله، ثم جاءني في اليوم
التالي، وهو يقبل رأسي ويقول: لقد ذهب الهم الذي في قلبي، والآن أولادي يصلون معي
في البيت، ويصلون معي في المسجد، جزاك الله خيراً يا شيخ.
ولا ينبئك مثل خبير
أيها الإخوة.. أيتها الأخوات..
إن هذا الإعلام الذي يبث بين الحين
والحين، ما هو إلا تدمير، وأنا لا أقول من روحانيات هائمة، إنني خبير بهذا البلد،
وخبير بما يدور فيه، وقد اشتغلت عام 1968م في إذاعة الكويت، واشتغلت ممثلاً في
إذاعة الكويت، قبل أن أتجه إلى الإسلام والدعوة، عام 1968م، وكنت أمثّل دور أبي
بكر الصديق، وبجانبي عائشة، ممثلة مصرية، وكان المخرج لا أذكر أسمه، إلا أن اسمه
فيه «عانز زفت»، وكان تمثيلنا «زفتاً على زفت».
أذكر أن عائشة التي كانت تمثل دور أم
المؤمنين، والمخرج ينظر أمامنا، لما مثلت دورها في الهجرة، ونصرتها لأبيها مع
أسماء، تمثل أمام الميكرفون، وترقص في وسطها، فيرد عليها المخرج ضاحكاً، ويرد
عليها قائلاً: يا سلام على الإسلام الذي يهز وسطه، والجميع يضحك!
هذه هي التمثيليات الإذاعية الإسلامية التي تسمعونها بالإذاعة، تسمع صوتهم في الإذاعة، بكاء، وتمثيلاً، وخشوعاً، وخضوعاً، لكنك إن رأيتهم على حقيقتهم في الإذاعة، صدوراً عارية، وأفخاذاً بارزة، خلال التدريب، وبعد التسجيل، أسمع ما يدور من نكات وغمزات ونظرات وحركات، ومواعيد وابتسامات وآهات، وهي تمثل دور أم المسلمين عائشة، أنا لا أقول ذلك إلا عن تجربة، رأيتها بنفسي، وهداني الله بعد سنة، فرفضت أن آخذ فلساً واحداً من إذاعة الكويت، وتركت أموالهم الحرام عندهم، وقلت: الحمد لله الذي أنجاني بعد أن كنت على شفا حفرة من النار.
أيها الإخوة..
العلاج احتقار هذا الصنف، وزرع الحاجز
النفسي في قلوب أبنائنا حتى لا يتعاطفوا معهم، فإذا ظهر في التلفاز أغلقه، كما يضع
إصبعه في عينه عندما يضغط على الذر، وإلا لا نجاة لأولادنا، لا نجاة لأولادنا، فهم
يربونهم على الدمار كل ليلة...
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا
على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده
ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة، اللهم لا تحرمنا أجره، ولا
تفتنا بعده، وأوردنا حوضه، واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة باردة، لا نظمأ بعدها
أبداً، يا أرحم الراحمين.
أما بعد، أيها الأحباب الكرام..
وهذا القرآن الكريم يتكلم عن الأنبياء
صلوات الله وسلامه عليهم، فيبين حرصهم، فهذا يعقوب عليه السلام، لخوفه على أبنائه
من العين والحسد يقول: (يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ
أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ) (يوسف: 67)، وهذا إبراهيم أبو الأنبياء عليه
السلام: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي
زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ
أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ
لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) (إبراهيم: 37).
أيها الإخوة..
وإنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشي على
الأرض، إن هبت الريح على بعضهم، امتنعت عيني عن الغمض، كيف لا يكون كذلك، وهم
امتداد لتسبيحنا، وتهليلنا وركعونا، وسجودنا، وصلاتنا.
استمعوا إلى دعاء الأنبياء في كتاب
الله: (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا
وَتَقَبَّلْ دُعَاء) (إبراهيم: 40)، وقوله سبحانه: (رَبَّنَا
وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ) (البقرة:
128)، وهذا زكريا يدعو ربه: (رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ
الدُّعَاء) (آل عمران: 38)، والرسول صلى الله عليه وسلم يوصينا بهذه الوصية
الخالدة: «لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم،
ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة، يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم» (رواه
مسلم وأبو داود).
الدعوة الصالحة تكون في صالح الولد،
والسيئة مخافة أن يستجيب لها الله، فليحذر الوالد أو الوالدة أن يقولوا للابن:
لعنك الله، أو يا ملعون، فإنها دعوة خطيرة؛ لأن معنى اللعنة إخراجهم من رحمة الله،
نسأل الله سبحانه وتعالى العافية في الدنيا والآخرة.
دعاء الختام
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا
هماً إلا فرجته، ولا دينا إلى قضيته، ولا مريضاً إلا شافيته، ولا ميتاً إلا رحمته،
ولا ضالاً إلا هديته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا مؤمناً إلا ثبته، ولا عسيراً إلا
يسرته، ولا سوءاً إلا صرفته وأصلحته، ولا عيباً إلا سترته وأصلحته، ولا مسافراً
إلا حفظته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، ولا عدواً إلا
أخذته وقصمته.
اللهم أمّن روعاتنا، واستر عوراتنا،
وخفف لوعاتنا، واقبل حسناتنا، واغفر زلاتنا، واجعلنا برحمتك في الفردوس الأعلى.
اللهم من أراد بنا سوءاً فأشغله في
نفسه، ومن كادنا فكده، واجعل تدميره في تدبيره، احرسنا بعينك التي لا تنام،
واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا يا أرحم
الراحمين.
اللهم إنا نسألك أن تستعملنا في يرضيك،
ولا تشغلنا فيما يباعدنا عنك، واقذف في قلوبنا رجاءك، واقطع رجاءنا عمن سواء، حتى
لا نرجو أحداً غيرك.
اللهم إنا نعوذ بكل أن نُضل في هداك،
أو نُذل في سلطانك، أو نُقهر أو نُغتال أو نُختطف أو نفجر أو نعذب أو نُفتن،
والأمر لك وحدك لا شريك لك، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين، الذنب كبير، والعمل
قليل.
اللهم إنا نبرأ إليك من ذنوبنا
ومعاصينا، ونعتذر إليك مما يفعل بنو جنسنا وأهل بلدتنا، وأنت أهل للاعتذار يا أرحم
الراحمين.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا،
ربنا لا تهلكنا بما يفعل المبطلون.
اللهم لا تعاملنا بما نحن أهله،
وعاملنا بما أنت أهله، أنت أهل التقوى والرحمة والمغفرة يا أرحم الراحمين.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء
والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.
اذكروا الله يذكركم، واذكروه على نعمه
يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.