الأربعاء 05-نوفمبر-2025 - 14 جمادى الأول ، 1447

الحملة الغربية لتشويه القرآن

25
2024-11-12


التعريف بالخطبة

في محاولة بائسة حاول اليهود تشويه القرآن العظيم وتحريف معانيه، بدافع من الحقد والغيظ على كلام الحق الذي يفضح أسرارهم ويهتك أستارهم ويكشف ما بهم من صفات ذميمة، ولكن هيهات! فأنى لكتاب تعهد الله بحفظه أن ينال منه المغرضون.

عناصر الخطبة

القرآن بين حرب الأعداء وهجر الأبناء

أسرار الحملة اليهودية على القرآن

واقع اليهود عبر الحضارات

وماذا تفعل التكنولوجيا أمام قدرة الله

 المقدمة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد..

فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمر محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله..

أوصيكم ونفسي بتقوى الله، حيث أمرنا في كتابه الكريم، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 1029، وأعطانا الأمان النفسي والأمن المعيشي بالتقوى، فقال سبحانه: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق)

اللهم ألِّف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم انصر جندك وأولياءك المجاهدين، في كل أرض يذكر فيه اسم الله، على أرض لبنان والأفغان، وفلبين، اللهم إنا نسألك أن تحرر المسجد الأقصى، مسرى الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، وأن ترينا في اليهود وأشياعهم يوماً أسود، اللهم وعدك الذي وعدت، وإنك لا تخلف الميعاد، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم إنهم لا يعجزونك، يا من لا يرد أمرك، ولا يهزم جندك، سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت.

اللهم كما نصرت محمداً على يهود بني قريظة، وبني قينقاع، وبني النضير، فانصر جنودك وأولياءك المجاهدين يا أرحم الراحمين.

اللهم إني أسألك أن تحصهم عدداً، وأن تقتلهم بدداً، وألا تبقي منهم على وجه الأرض أحداً، اللهم إنا نسألك أن تجمد الدماء في عروقهم، وفي عروق من يشايعهم ويسالمهم، ويؤازرهم، ويناصرهم.

اللهم أحل عليهم سخطك وغضبك الذي ذكرته في كتابك؛ (فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ) (البقرة: 90).

اللهم إنا نسألك النصر المؤزر المبين على الذين يتهمونك، والذين يشتمونك، اللهم إن اليهود يقولون، وقد أخبرتنا بذلك: (إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء) (آل عمران: 181)، ويقولون عنك وأنت تعلم وغني بعلمك؛ (يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ) (المائدة: 64).

اللهم إنا نسألك أن تجمع الإسلام المسلمين، اللهم إني أسألك أن تجمع القرآن والمؤمنين، اللهم إني أسألك أن تنصرهم بالحق والدين.

اللهم نبرأ إليك من ذنوبنا ومعاصينا يا أرحم الراحمين.

القرآن بين حرب الأعداء وهجر الأبناء

أما بعد، أيها الأحباب الكرام..

تطالعنا الصحف عن المحاولات الآثمة التي يقوم بها يهود في أمريكا وفي لبنان، إذ قامت مؤسساتهم الماكرة بطبع صفحات من القرآن العظيم، ثم استخدامها في لف البضائع والهدايا، لكي تلقى بعد ذلك في القمامات، والزبالات، ولكي تُداس بالأقدام، وأكثر ما قام به بعض الدول العربية أو الإسلامية، أن أرسلوا مذكرات احتجاج واستنكار، وكنت أتمنى في مؤتمر القمة المسمى بالإسلامي، أن تكون القضية الأولى الدفاع عن القرآن العظيم، الذي تتهجم عليه أمريكا جللها الله بالدمار والسواد، التي تتبنى لقيطتها «إسرائيل»، أهلكها الله في الدنيا والآخرة، ومع الأسف الشديد لم يتعرض أحد للدفاع عن كتاب الله، والحمد لله أن كتاب الله غني عنهم، فإن المدافع عنه والحامي له هو الله، حيث يقول في كتابه الكريم: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر: 9).

ويحاول اليهود عن طريق سيطرتهم على بعض لبنان أن يشوّهوا القرآن، وهيهات!

ونشرت الصحف يوم أمس أن بعض علب الفواكه القادمة من لبنان غُلّفت من الداخل بصفحات القرآن، وأصبح اليهود يعبرون بكل وضوح في وضح النهار عن حقدهم لهذا الكتاب، وما السر الذي يحمله هذه الكتاب؟

اليهود يسيطرون على كثير من لبنان، وعلى مؤسسات الاقتصاد في العالم، وقد حيّدوا روسيا تجاههم وسيطروا عليها، وحيدوا أمريكا معهم وسيطروا عليها، وأصبحت دول العالم العربي أذناباً إما لروسيا اليهودية، أو لأمريكا اليهودية.

ومع هذا، يصرون على حرب القرآن الذي أصبح محبوساً في بيوت الله، ولو نظرت إلى واقع العالم العربي والإسلامي لوجدت أسماء مسلمين، ولا تجد من المسلمين إلا القليل، ومع هذا يخاف اليهود من ورق القرآن، يخاف اليهود من كلمة القرآن، يخاف اليهود من حرف القرآن، وإن كان القرآن محبوساً، هجره أهله، هجره أصحابه، فاليهود لا يقر لهم قرار، ما داموا يعلمون أن الله يقول: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).

لقد استأمن الله اليهود على التوراة فحرّفوها، ثم استأمن الله النصارى على الإنجيل فحرفوه بمعاونة اليهود والوثنيين، ثم لم يرض الله أحداً من البشر يحمي القرآن، فتكفل الله بحمايته ورعايته، فكم حاول أعداءه عبر التاريخ للقضاء عليه، والقضاء على أمته وأتباعه، والقرآن يتحداهم؛ «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم إلى قيام الساعة».

أسرار الحملة اليهودية على القرآن

لماذا اليهود يحقدون كل هذا الحقد؟

فقد جاءت الأخبار على صفحات الصحف أن القرآن يطبعون آلاف النسخ منه ويوزعونها عن طريق لبنان، وهذه هي خطورة سقوط لبنان بيد المارون وبيد اليهود، آلاف النسخ من القرآن تطبع الآن بمطابع لبنان ومطابع يهود، وقد حُرِّفت فيها الآيات التي تعري اليهود، فالآية التي تفضحهم يحرفون كلمة.. يقدّمون.. يؤخرون.. يحرفون التشكيل أو الإعراب، حتى تتحول الآية من ضدهم إلى معهم.. وآلاف النسخ الآن تغزو أرض لبنان، ولا أدري من خلال المؤتمرات التي تُعقد هل ستصلنا مثل هذه النسخ تحت أي معرض من معارض الكتب العربية العلمانية؟ لا ندري، ولكن ندري شيئا واحداً، لو الجن والإنس وكل المخاليق على أن يحرفوا كتاب الله، أو يقضوا عليه، فإنهم لن يستطيعوا، لأنه كلام الله، وكلام الله صفة لله ولا يستطيع أحد أن يقضي على صفة من صفات الله رب العالمين.

الله كان يتكلم، وما زال يتكلم بما شاء كيف شاء، وهو الذي أنزل هذا الكلام الذي تكلم به، فلا يستطيع أحد أن يقضي عليه، حتى يرفعه الله من الأرض من جديد.

نعود إلى القرآن لنرى السر الذي جعل اليهود يشنون هذه الحملة في أمريكا وعن طريق لبنان.

القرآن يذكر بعض الحقائق عنهم، فيقول في الحقيقة الأولى: يا أتباع القرآن، يا أنصار محمد صلى الله عليه وسلم، استمعوا إلى تقرير القرآن الواضح، وهو يذكر الكليات الأصيلة، عن اليهود، عبر التاريخ في الماضي وفي الحاضر، وفي المستقبل.

الحقيقة الأولى: أن اليهود يعتقدون أنهم مهما ارتكبوا في حق البشرية والإنسانية من سوء، ودمار، وسلب، ونهب، فكل ذلك حلال عندهم، ومأجورون فيه عند الله.

هذه هي الحقيقة التي يبينها القرآن؛ (لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ) (آل عمران: 75)، هكذا يقول القرآن عنهم، أن عقيدة اليهود تقول: ليس علينا في غير اليهود ذنب إذا ما ارتكبنا الذنوب تجاههم.

الحقيقة الثانية في كتاب الله تبين أنهم يرون أنفسهم أنهم خلقوا من مادة خاصة من مادة إلهية، وكل البشر خُلقوا من مادة حيوانية؛ (نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (المائدة: 18).

الحقيقة الثالثة: التي تعريهم أمام البشرية التي تنتظر ما تنتظر على أيدي هؤلاء اليهود، أنهم مهما تقطعوا في الأمم، وتقطعوا في الشعوب، وشردوا في مشارق الأرض ومغاربها، ولو كانت أسرة عائلة واحدة تعيش في أمة كاملة لظلت هذه العائلة المكونة من أب وأم وطفل لظلت أمة مستقلة داخل هذه الأمة، لا ترضى أن تتسيب فيها، أو تنصهر، أو تهادن، أو تسالم، أو تتعايش، أبداً، تظل هذه الأسرة أمة لها كيانها، ودينها، وعاداتها، وتقاليدها، وتفكر وتخطط بدون فتور أو عجز للقضاء على الأمة الكبيرة التي تعيش فيها.

يقول القرآن: (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً) (الأعراف: 168)، كل قطعة أمة مستقلة بذاتها.

الحقيقة الرابعة: أنهم وراء كل حرب، فهذا عمانويل يتكلم في مؤتمر حاخامات اليهود، عام 1954م، فيقول: نحن وراء الحرب العالمية الأولى، والثانية، وسنشعل الحرب العالمية الثالثة، لكي تقوم أمريكا وروسيا بتدمير الدول التي حولنا ونكون نحن في الحياد في مخابئنا، ثم نخرج إلى العالم الذي يحتضر وينتفض في لحظات موته، فنبعث إليه وفودنا، لكي تتم السيطرة لنا على العالم أجمع.

يقولون هذا الكلام من عام 1954م، والله يقول عنهم منذ 15 قرناً: (كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً) (المائدة: 64)، يسعون في الأرض فساداً، وكل الحروب يوقدونها والذي يطفئها هو الله رب العالمين.

الحقيقة الخامسة: التي جعلت اليهود يحقدون على القرآن؛ فالقرآن يجعلهم لهم خاصية مميزة، فإن كانت العداوات تُقسم على البشرية بدرجات ونسب، فدرجة العداوة بلغت عند اليهود مائة في المائة، فالقرآن يقول: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ) (المائدة: 82).

ثم الحقيقة الأخيرة التي أتعرض إليها في خطبتي تلك، أن اليهود يعدون العالم بحضارة إنسانية كبرى، من خلال شعاراتهم عن الحرية، والعدالة، والأخوة، والمساواة، ولكن القرآن يقول غير ذلك، يقول: إن هذا اليهودي أصفر الوجه، خبيث الطوية، الذي يلتقي معك في المؤتمرات، فيتلوى كما تتلوى الأفعوان، فإن في قلبه قد انطوى من الحقد والدمار والسواد ما لا يعلمه إلا الله، وإن نياتهم أنهم لو سيطروا على اقتصاد العالم؛ فإنهم سيتركون البشرية تموت من الجوع والعطش.

قال تعالى عن هذه الحقيقة: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (النساء: 53)، إذا كان لهم الملك وسيطروا على العالم؛ سيمنعون الناس كلهم النقير؛ وهو قطعة الليف على نواة التمرة، لا يعطونها الناس، واليهود الآن واقعهم يشهد على ذلك، لا يمكن أن يعطيك قرضاً في البنوك اليهودية في العالم حتى يأخذ منك أضعافاً مضاعفة من الأموال والربا، وقد قيّدت دول كبرى بميزانياتها، قيدها اليهود الممولون في العالم.

أي حضارة تلك التي يعد بها يهود! أي حضارة وهؤلاء مفكروهم، وعلى رأسهم اليهودي مكيافيلي، حطم الأخلاق والسلوك بالمبدأ الذي رفعه «الغاية تبرر الوسيلة»!

مكيافيلي اليهودي هو الذي جاء بهذا المبدأ، فضيع كثيراً من الثورات العربية، والثورات الإسلامية، بسبب هذا المبدأ المجرم، الغاية تبرر الوسيلة، ما دمت أنا أصل إلى الغاية والهدف، فالوسيلة لا تهم، تكون شرعية، أو غير شرعية، حلالاً، أو حراماً، أعاهد الشيطان، أعاهد إبليس، أعاهد غيفارا، أعاهد ماركس، هذا لا يهم، المهم أن أصل إلى الهدف، من جاء بهذا المبدأ اليهودي، الذي جعل ثوراتنا تذهب هباء الرياح، فيقتل بعضنا بعضاً في النهاية، جاء به ميكافيلي اليهودي.

بهذا المبدأ المكوّن من كلمتين «الغاية تبرر الوسيلة» دمر قضايانا ميكيافيلي.

المبدأ الثاني الذي جاء به اليهودي ماركس: بماذا جاء.. أنكر وجود الله، واعتبر «الأديان أفيون الشعوب»، وبيّن بأن المادة هي بداية العالم ونهايته، لا يوجد الله، ولا يوجد جنة، ولا نار، ولا حساب، ولا بعث، واعتقدت كثير من دول العالم العربي والإسلامي هذا المبدأ الشيطاني، وبدأت تقتل أبناء جنسها، وأرحامها، ودينها.

اليهودي الثالث فرويد، بأي مبدأ جاء؟ جعل أن الناس كبيرهم وصغيرهم، وعلماءهم، ورجالهم، ومفكرهم، لا يحركهم إلا الجنس، والناحية الجنسية، وجعل جميع سلوكيات الناس، سلوكيات البشر في القديم والحديث والمستقبل الجنس وشهوة الجنس هي التي تحرك البشرية خلف ذلك.

وجاء اليهودي الوجودي سارتر، الذي احتفل به، استقبل به يوماً في مصر، أرض الكنانة، نسأل الله أن يحررها وينصرها على أيدي الصالحين المؤمنين ويفك قيد اليهود عن رقبتها.

جاء سارتر لكي يقول بنظريته العدمية في الحياة، فأفسد النفوس، وأفسد القلوب، ثم جاء بعد ذلك المتمسلمون الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا اسمه، ولا يعرفون من القرآن إلا رسمه، يدندنون ويطنطنون بهذه النظريات.

وجاء دارون اليهودي لكي يقول: أيها الإنسان، إن أصلك وفصلك في الحقيقة قرد، فلم يوجد هناك آدم ولا حواء، ولم يكرمك الخالق، وإنما بدأت قرداً، وتنتهي قرداً.

 وهكذا يأتي اليهود ليشوهوا هذه الحقائق التي أنزلها الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم.

أي حضارة يقدمها اليهود، الذين الآن يحاربون كتاب الله؟!

من وراء مسلسلات الإجرام، والمخدرات والحشيش، وأفلام الجنس الداعرة؟ من وراء المضاربات التجارية، وأسواق الأوراق المالية والبورصة؟

من وراء هذا الدمار الذي دمر أخلاق الشباب في العالم، من الزنى والربا والقمار، ونوادي الروتاري وأمثالها؟

من وراء الماسونية العالمية؟

من وراء الشيوعية العالمية؟

من وراء العلمانية العالمية؟

من وراء أمريكا وأوروبا؟

اليهود الملاعين!

واقع اليهود عبر الحضارات

ولكن، لنعد إلى التاريخ، لنرى يوم أن كانت لليهود مثل هذه السيطرة في العالم القديم، هل داموا عليها؟ هل تمت لهم؟ هل حققوا أهدافهم؟

التاريخ يشهد أنهم مهما ظنوا أنهم سيصلون، فإن الله لهم بالمرصاد.

مأساتهم تبدأ على الأرض المباركة أرض فلسطين، التي ذكر الله بركاتها في كتابه الكريم؛ (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء: 1)، وحول المسجد الأقصى أرض فلسطين المباركة.

ماذا يقول التاريخ عنهم أيها الإخوة.. استمعوا

أسرهم نبوخذ نصر البابلي من فلسطين وجرهم بالسلاسل إلى بابل، وظلوا هناك في الأسر، حلق لحاهم، وربى سوالفهم، وميّزهم عن شعبه، وأذلهم في بناء حدائقه المعلقة، واستطاعوا القضاء عليه وعلى دولته بعد ذلك عن طريق النساء.

أحضروا النساء اليهوديات الجميلات، وأدخلوهم في البلاط والقصر، حتى تمت السيطرة عن طريق الشهوة والجنس، وعاد اليهود مرة ثانية إلى أرض فلسطين، ولما ظنوا أنهم تمكنوا منها، جاءهم القائد الروماني تيطس الروماني، وأسرهم من جديد، ومزقهم في الأرض شر ممزق، ثم عادوا بعد تمزيقهم في الأرض،

وكانت لهم أطراف في اليمن، لما آمن ذو نواس اليمني باليهودية، كانت لهم هناك أطراف، فلما حدث انهيار سد مأرب، وترقبوا خروج نبي لكي يقتلوا به العالم، انظر إلى النية السوداء.. جاؤوا من اليمن إلى أرض يثرب، ينتظرون النبي الذي يقتلون به العالم، وإذا النبي من ولد إسماعيل، ولم يكن من ولد إسحاق، إنه محمد صلى الله عليه وسلم، وذهب حيي بن أخطب، وسلام بن أبي الحقيق، واختبروا الرسول صلى الله عليه وسلم وامتحنوه، فلما تأكدوا أنه النبي المنتظر، قال سلام بن أبي الحقيق: أهو هو؟ قال: نعم، قال: هو النبي المرسل؟ قال: نعم، قال: وماذا تقول فيه؟ قال: عداوته أبد الدهر.

لماذا؟ لأنه من عنصر عربي، ولم يكن من عنصر يهودي، كما توقع المجرمون.

وسيكون دمارهم الثالث بإذن الله منطلقاً من أرض فلسطين، فها هم الآن يأتون من جميع أنحاء العالم، بهجرات متدفقة، قد تبلغ في العام الواحد 100 ألف، جاؤوا ينزحون من جميع أقطار العالم وبالأخص أرض روسيا، ويأتي القرآن ليذكر لنا هذه الحقيقة، (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ) (الإسراء: 7)؛ أي الجولة الأخيرة؛ (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ)، والخطاب إلى اليهود (وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيراً) (الإسراء: 7)؛ أي يحطمون ما بنوا تحطيماً، وهم الآن يريدون تحطيم المسجد الأقصى، ليبنوا فوقه هيكل سليمان المزعوم، ويبشر القرآن بأنهم سيتحطمون تحطيماً، على أيدي من؟ على أيدي من يحددهم الحديث النبوي: «لتقاتلن اليهود ولتقتلنهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فاقتله».

وماذا تفعل التكنولوجيا أمام قدرة الله؟

فمهما حاول المجرمون تحريف القرآن، ومحاربة كتاب الله فإن الله لهم بالمرصاد.

إن الله الآن يمكر بهم، ويجمع شتاتهم، ويلم شعثهم حتى يجمعهم في بقعة واحدة، كما يجمع الخراف أو الدجاج في مكان واحد، ليدخل الجزارون عليهم بعد ذلك فلا يبقون منهم أحداً.

لا يقولن مسلم: إن التكنولوجيا الأمريكية معهم، ماذا تفعل التكنولوجيا الأمريكية؟ ماذا فعلت أحدث التكنولوجيا في فيتنام، وفيتنام لا يعرفون الله، ولا يقولون: لا إله إلا الله، تحطمت التكنولوجيا الأمريكية أمام المقاتل الفيتنامي؛ لأن له علاقة بالأرض، وتحطمت التكنولوجيا أمام المجاهد الأفغاني، لأنه يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وتحطمت التكنولوجيا الأمريكية بقاذفاتها وراجماتها وطائراتها أمام حفنة من الفدائيين في نصف دولة، في نصف بيروت، محاصرين من جميع الجوانب، على المستوى العربي، والمستوى الإسلامي، وعلى المستوى الأمريكي، وعلى المستوى «الإسرائيلي»، والتكنولوجيا مسخرة لهم، وصمدوا أكثر من 80 يوماً، وعجزت التكنولوجيا الأمريكية أن تقتحم عليهم رغم أنوفهم، حتى تمت المؤامرة بتواطؤ من العالم العربي والإسلامي، ومزقوهم وفرقوهم مرة ثانية على وجه الأرض.

لا تقولوا: إن التكنولوجيا الأمريكية هي التي تحقق ما تريد «إسرائيل»، فإن الله يقول: (وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء) (العنكبوت: 22)، فالله له ما في السماء والأرض، والله هو الغالب على أمره، (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (الأنعام: 18)، سبحانه وتعالى.

وإننا نقول لليهود: ولو كان معكم الجن الذين كانوا يخدمون سليمان عليه السلام، فإنكم لن تنتصروا على القرآن، ولا على أتباع القرآن، ولا على أنصار القرآن؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر: 51).

فعودة إلى القرآن من جديد أيها الإخوة، عودة إليه قراءة وحفظاً وعملاً ودعوة وإيماناً، عودة إليه أيها الإخوة دعوة وجماعة، قيادة وقدوة، عودة إليه حكاماً ومحكومين، عند ذلك يحقق الله وعده، (إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (آل عمران: 9).

اللهم إنا نسألك منزل الكتاب ومجري الحساب وهازم الأحزاب، أن تهزم اليهود وأشياعهم، وأن تنصر المؤمنين يا أرحم الراحمين، أقول قولي هذا وأستغفر الله، وادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده، البشير النذير، السراج المنير، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة.

أما بعد، أيها الأحباب الكرام..

وتطالعنا صحف اليوم عن ذلك البطل الصغير، الكبير، محمد نزيه، على أرض صيدا، الذي انطلق من مكان القرآن، والإيمان، من بيت من بيوت الله، يحمل الرشاش في يديه، ويطلقه على عناصر اليهود، فيرديهم قتلى على أرض صيدا، ثم يجتمعون عليه من كل مكان بوابل نيراني فيخر شهيداً على الأرض؟

كم عمره؟ 12 عاماً.

ما اسمه؟ اسمه محمد، على اسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

محمد نزيه، طفل صغير، يخرج من بيت الله، يدمر اليهود، ويرعبهم، وأمريكا معهم، ولكن محمد نزيه إن كان نزيهاً في صغره، قليلاً في سلاحه وذخيره، يكفيه شرفاً أنه ينتسب باسمه إلى اسم محمد صلى الله عليه وسلم.

يكفيه شرفاً يوم أن عجز 21 جيشاً على أن يفعل ما فعله محمد الصغير، يكفيه شرفاً يوم أن عجز 21 عملاقاً من عمالة القرن العشرين على أن يفعلوا ما فعل محمد الصغير، على أرض صيدا.

وفاضت روحه تشكو إلى الله، تشكو إلى الله قعود 21 جيشاً بجميع آلياتهم وأسلحتهم.

فاضت روحه تشكو إلى الله القاعدين، الذين لا يجاهدون لا بأموالهم ولا بأنفسهم، تشكو إلى الله دولاً عربية وإسلامية، تملك المال والسلاح، ومع هذا تتوارى خلف جدار الصمت، فتعساً لجدار الصامتين.

محمد نزيه، خرج من بيت الله، متتلمذاً على كتاب الله، قدوته من الأئمة والخطباء في معتقلات اليهود، وضعوا في رؤوسهم أكياس الخيش، وضربوهم لكماً وبأعقاب البنادق، وهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وألقوهم في غياهب السجون، وظنوا أنهم بإلقائهم القبض على أئمة المساجد، وتعطيل خطبة الجمعة في صيدا، أنهم سيقضون على الإسلام والقرآن، فإذا بهم يخرج إليهم طفل صغير، كم حصل من التعب له، حتى استطاع أن يملك هذا الرشاش الذي بين يديه!

كم تعب هذا الصغير وهو يوصي ويوجّه! كم سهر هذا الصغير، وهو يرفع يديه إلى الله في جوف الليل أن يحقق على يديه قتل اليهود! وأيده الله، فالله لا ينظر إلى الصور، ولا إلى الأجسام ولا إلى الأموال، ولا ينظر إلى الدول ولا إلى الجيوش، ولا إلى المؤتمرات، والله لا ينظر إلى الأبهات ولا إلى الطائرات، ولا إلى الفنادق، لكن الله ينظر إلى ما انطوت عليه القلوب، ورب قلب صغير لم يرتكب الخطيئة، يقف بين يدي الله فيدعو، فيحقق الله على يديه ما عجزت عنه الأمم وقياداتها، إنه الله رب العالمين، ينصر من يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، ولو كان عندهم ما كان.

اللهم إنا نسألك نصرك المؤزر المبين، اللهم أيد جنودك وأولياءك المجاهدين على أرض صيدا، اللهم سدد رميهم، اللهم فك أسرهم، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم اجمع شملهم، اللهم أصلح دينهم، اللهم احفظ عقائدهم، اللهم اجعلهم يرفعون رايتك، اللهم أنزل عليهم نصراً كنصر بدر، اللهم أنت الذي نصرت القلة في بدر على الكثرة الكافرة، فانصرهم يا أرحم الراحمين.

اللهم أنت الذي نصرت المسلمين في عام الفتح، اللهم أنت الذي نصرت المسلمين في حروب الردة، اللهم أنت الذي نصرتهم في القادسية واليرموك، اللهم أنت الذي نصرتهم في حطين وعين جالوت، اللهم أنت الذي نصرتهم يا أرحم الراحمين، على أرض المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

فنسألك اللهم نصرهم، في الليل والنهار، اللهم اقتل عنهم، اللهم ارم عنهم، اللهم سدد رميهم، يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين، ونسألك اللهم نصراً من نصرك، يا رب العالمين، لا تكلنا إلى أنفسنا فنعجز، ولا إلى الناس فنضيع، اللهم إنا نسألك أن تحفظنا بحفظك، وأن تكلأنا برعايتك، وبقائد رباني يسمع كلام الله ويسمعنا، وينقاد إلى الله ويقودنا، ويحكم بكتاب الله وتحرسه، لا يركع للبيت الأبيض، ولا يخضع للبيت الأحمر، إنما قيادته في المسجد الأقصى، وقلبه في البيت العتيق، وقدوته في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.

اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

تحميل