الأربعاء 05-نوفمبر-2025 - 14 جمادى الأول ، 1447
الإرهاب واغتيال خليل الوزير
التعريف بالخطبة
تناولت الحديث عن خطورة
انتشار الإرهاب في الدول العربية المعاصرة، وكيف عانت منه دولة الخلافة الراشدة،
حين تعرض قادتها لعمليات اغتيال آثمة، معزيًا بذلك أمة الإسلام في مقتل القائد
الفلسطيني أبي جهاد خليل الوزير رحمه الله الذي اغتيل في بيته على يد عناصر الموساد
بتونس، ثم تناولت الخطبة الحديث عن فرحة أهل الكويت بعودة المختطفين وأن الفرح
بفضل الله ينبغي أن يكون بما يرضي الله تعالى..
عناصر الخطبة
أولًا: دمعة وفرحة
ثانيًا: دور الخلافة
الراشدة في مكافحة الإرهاب
ثالثًا: فرحة أهل الكويت
بعودة الطائرة المخطوفة
رابعًا: العرب نائمون
والموساد لا ينام
خامسًا: القرآن الكريم
يحارب الإرهاب والإرهابيين
المقدمة
الحمد لله الذي أضحك
وأبكى، الحمد لله الذي أمات وأحيا، الحمد لله الذي جعل بعد العسر يسرًا، الحمد
لله، الذي (أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى. وَثَمُودَ
فَمَا أَبْقَى. وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ
وَأَطْغَى. وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى. فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى. فَبِأَيِّ آلَاء
رَبِّكَ تَتَمَارَى. هَذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى. أَزِفَتْ
الْآزِفَةُ. لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) (النجم: 50-58).
وأصلي وأسلم على النبي
القائل: «كل المسلم على المسلم حرام، ماله ودمه وعرضه»، والقائل:
«أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإن قالوها عصموا مني دماءهم
وأموالهم، إلا بحقها، وحسابهم على الله».
عباد الله..
أوصيكم ونفسي بتقوى الله (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا.
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) (الطلاق: 2-3).
وارض اللهم عن الخلفاء
الراشدين، والصحابة أجمعين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين.
أما بعد، عباد الله..
بارك الله لكم في شهركم
هذا، وجعلنا الله وإياكم من الصائمين القائمين، إيمانًا واحتسابًا، وجعل لنا في
أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتقًا من النار، وأن يتقبل فيه دعاءنا، وصيامنا،
وقيامنا، ويجعله شهر نصر، فيحرر فيه فلسطين و«الأقصى»، وينصر المجاهدين في كل
مكان، ويرينا في أعدائنا وأعدائه عجائب قدرته، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير.
أولًا: دمعة وفرحة
أيها الأحباب الكرام..
وبينما كنت أبكي على
فلسطين وشهداء فلسطين، وأبكي على الرمز أبي جهاد الذي اغتيل غدرًا في بيته في
تونس، وإذ بالمذيع للأخبار في الساعة الثامنة يقطع الأنباء ويذيع خبر الإفراج عن
المخطوفين والرهائن.
وتمتزج دموع الحزن بدموع
الفرح.
هجم السرور عليّ حتى إنه
من فرط ما قد سرني أبكاني
يا عين قد صار البكا لك
عادة
تبكين في فرحي وفي أحزاني
أيها الأحباب الكرام..
نحمد الله سبحانه وتعالى
أن فرّج عن إخواننا المخطوفين، وأعادهم إلينا سالمين، واستجاب دعاءنا لهم، وكانت
فرحة شارك فيها القريب والبعيد، والكويتي وغير الكويتي، فنسأل الله أن يتمها بتحرير
فلسطين، نسأل الله أن يتمها بنصر المجاهدين، إن ربي على ذلك قدير.
ثانيًا: دور الخلافة الراشدة في مكافحة الإرهاب
أيها الأحباب..
الويل للدول إذا تبنّت
الإرهاب، والله جعل ناموسًا وقانونًا وسُنة، غير قابلة للتبديل ولا
للتحويل، وهي أن من تبنّى الإرهاب سيرتد إلى نحره، وسيقتله بيده، ويكون عليه وبالًا.
لهذا، كانت الحكومات في
دولة الخلافة الإسلامية لا تحب الإرهاب، ولا تتعاطاه، فهذا خليفة رسول الله
صلى الله عليه وسلم، أبو بكر الصديق، وهو يودع جيوش الفاتحين للشام وفلسطين،
يا لها من حكومات كانت تودّع الفاتحين، ولا تستقبل المقتولين، إلى متى وعالمنا
العربي يحفر قبورًا للمقاتلين والمجاهدين في أرضه، وبكاؤه وعزاؤه واليتامى
والأرامل أكثر من الفاتحين، إلى متى ونحن نستقبل الجثث، ولا نودّع المجاهدين
الفاتحين؟
إن مشهد استقبال جثمان
أبي جهاد، خليل الوزير، يقتل القلب ويعصره، خاصة
يوم أن تُفتح الأرض العربية لاستقبال الجثث، ولا تُفتح لكي ينطلق
منها المجاهدون لإعلاء كلمة الله.
إنها مأساة الأمة كلها،
في مشارق الأرض ومغاربها، نلقي القبض عليهم أحياء مقاتلين، ونفتح الديار لهم
مقتولين مغدورين.
أبو بكر الصديق يقف على
مشارف المدينة يودّع الفاتحين، ولا يستقبل المقتولين،
فجثث الصحابة تنتشر في مشارق الأرض ومغاربها، لأنه يفتح حدوده لمن يريد أن يعلي
كلمة لا إله إلا الله، لا يغلق حدوده أمام من يريد أن يعلي كلمة لا إله إلا الله،
بل يسير معهم حافي القدم، حاسر الرأس، ثم يقول لهم وهو يوصيهم الوصايا الخالدة، ضد
الإرهاب، ضد الغدر، ضد القتل، ضد الاغتيال، فماذا يقول أبو بكر الصديق؟
اسمعوا عباد الله..
يا أيها الناس، قفوا
أوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا
تقتلوا طفلًا صغيرًا، ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة، ولا تعقروا نخلًا ولا تحرقوه،
ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة، وسوف
تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف
تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإن أكلتم منها شيئًا بعد شيء
فاذكروا اسم الله عليها، وتلقون أقوامًا قد فحصوا أوساط رؤوسهم وتركوا حولها مثل
العصائب، فاخفقوهم بالسيوف خفقًا، اندفعوا باسم الله.
يا لها من كلمات خالدة،
أبو بكر لا يتبنى الإرهاب، وإنما يحارب الإرهاب، ويضع القواعد والأصول ضد الإرهاب
والإرهابيين.
وهذا عمر الفاروق رضي
الله عنه وأرضاه، ماذا يقول عمر الفاروق؟
يأتي إلى أبي لؤلؤة
المجوسي، وهو حداد سلاح في المدينة، يطلب منه أن يصنع له رحى يطحن فيها الحب، أمير
المؤمنين عمر ليس عنده مصانع للدقيق لبيته، لا يختلس أموال الدولة، يذهب بمفرده
إلى الحداد ماشيًا، فماذا يقول له الحداد المجوسي؟
سأصنع لك يا عمر رحى
تتحدث بها العرب!
فيلتفت الفاروق الخليفة
الحاكم العادل إلى من حوله ويقول: إن ابن المجوسي يهددني بالقتل!
لم يعتقله، لم يغدر به،
لم يُصفِّه جسديًا، لم يشكّل فرقة خاصة لمطاردته، لا.. المبدأ هو المبدأ، ودولة
العدالة إلى قيام الساعة، ودولة الظلم لا تدوم ساعة.
ما دامت القضية كلامًا،
يُرد عليه بالكلام.
ويقوم الخبيث المجوسي
بصناعة خنجر له حدان مسمومان، ويأتي إلى المصلين وفيهم الفاروق، يدخل المسجد
فيطعنه ثلاث طعنات، تندلق أقتابه، ثم يهجم على المصلين من الصحابة، فيقتل ويجرح
أكثر من أحد عشر صحابيًا، ويقومون عليه لا سلاح معهم، لأنهم لا يحملون السلاح في
المساجد، ولا يعطون الإرهاب صورة الشرعية والفتاوى.. فقاموا إليه بالحصران، ولفوه،
فلما ضيقوا عليه قطع رقبة نفسه، وانتحر، فماذا قال عمر المجروح المغدور؟
قال: من قتلني؟ من طعنني؟
مسلم أم كافر؟
قالوا: كافر مجوسي.
قال: الحمد لله أن لم يكن
مسلمًا، يطالبني بسجدة عند الله يوم القيامة.
ثم التفت وقال: إن مت،
فاقتلوا نفسًا بنفس، ولا تمثّلوا فيه، لا تمثلوا.. لا تمثلوا..
الأسرى الآن في بعض الدول
التي تزعم الإسلام، يوضع الأسير بين مجنزرتين حيًا، ثم يُملخ نصفين، والناس
ينظرون، أهذا من الإسلام؟!
وهذا عثمان، ذو النورين، الإرهابيون يتآمرون عليه، في ثلاث دول إسلامية، ويحاصرونه
في البيت، وحوله أشداء الصحابة، ما يأمرهم حتى بالدفاع عنه، ويدخلون عليه بيته
ويقتلونه وهو يقرأ القرآن، وينزف دمه على قوله تعالى: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (البقرة: 137).
ويقتص الله منهم، واحدًا
بعد الآخر، فما بقي واحد منهم حيًا بعد عام.
وهذا علي بن أبي طالب،
رضي الله عنه وأرضاه، يتآمر الخوارج
فيشكّلون فرقة إرهابية لاغتياله واغتيال معاوية، واغتيال عمرو بن العاص، في ليلة
واحدة.
فيأتي أصحابه فيقولون: يا
أمير المؤمنين، احذر الخوارج وغدرهم، فيبتسم بهدوء المطمئن الواثق بالله، فيقول:
كفى بالموت حارسًا، كفى بالموت حارسًا.
لأن الله يقول في القرآن
الكريم: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله
كِتَابًا مُّؤَجَّلًا) (آل عمران: 145).
ويدخل عليه عبدالرحمن بن
ملجم بالسيف وهو يدخل المسجد، فيفلق رأسه نصفين.
ويستمر الإرهاب، على شكل
جرائم عابرة، يحاكمها الإسلام كما يحاكم كل جريمة، منذ عهد النبي صلى الله عليه
وسلم، يوم أن جاءت تسعة من الأعراب العرنيين، وقتلوا راعي غنم.. طفلًا، ومثّلوا
بجسمه وقطعوه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإحضارهم، وعلى حرّة المدينة، قطع
أيديهم وأرجلهم من خلاف، وسمل عيونهم، وتركهم يموتون من العطش والجراح، عقوبة لكل
إرهابي يمارس الإرهاب.
وهذا الحسن بن عليّ رضي
الله عنه يتنازل عن الخلافة، من أجل حقن دماء المسلمين؛ لأن دم
المسلم غال.
وهذا الحسين رضي الله عنه يقول للذين يحاصرونه في كربلاء، ومنعوا عنه وعن النساء
الماء، يقول لهم: لا ذنب للأطفال والنساء، إن لم يكن لكم دين ولم
تخافوا المعاد، فكونوا أحرارًا في دنياكم، إن النسوة ليس عليهن جناح.
يضع الأصول، القتال له
رجال، وله مواقع، أما الغدر والإرهاب سيرتد على أهله طال الزمان أو قصر.
كل من تبنّى الإرهاب
سيرتد إلى نحره، وسيقتل بيده، ويكون عليه وبالًا
وسبحان الله، عدالة الله
لا تحول ولا تزول، منذ عام 1979 إلى عام 1988م، جميع الدول التي تبنّت الإرهاب،
وصدرت فيه الفتاوى، حدثت فيها تصفيات جسدية لملاليها، وفقهائها، وأصحاب الفتاوى،
لا تُعد ولا يُحصى؛ لأن هذا الإرهابي إذا أعطيته صك الغفران، والفتوى الشرعية،
ستتحول الجريمة عنده إلى جهاد، ويصبح الدم المسلم هدرًا لا قيمة له، والإرهاب
شهادة في سبيل الله، وثورة وكفاحًا، وسيرتد عليك عاجلًا أو آجلًا.
تابعوا الإحصائيات،
ستجدون من عام 1979 إلى عام 1988م.. التصفيات الجسدية والإرهاب للدول التي تتبنى
الإرهاب هي أكبر نسبة في دول العالم.
وصدق الله إذ يقول: (وَلاَ تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (الإسراء: 15)، لا
يُحمل البريء بذنب المسيء، لماذا خَطْفُ النساء؟ لماذا خطف المسافرين الأبرياء؟
لماذا خطف وقتل النائمين في بيوتهم؟
إنها الجريمة والإرهاب،
فالويل كل الويل لمن يتبناها ويدعمها، ويسعى لها.
أيها الأحباب الكرام..
ثالثًا: فرحة أهل الكويت بعودة الطائرة المخطوفة
نحمد الله سبحانه وتعالى
الذي خلّص إخواننا من أيدي الإرهابيين، ونهنئ الكويت؛ حكومة وشعبًا، ثم نقول لهم:
إن الأمن لا يدوم إلا بطاعة الله، لا بمعصيته، فالحذر الحذر في لحظات الفرح، أن
نعصي الله، فيتحول الفرح إلى بطر (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ
وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)
(يونس: 58).
فنعوذ بالله من العري،
ومن الاختلاط، ومن الصخب الذي حدث بحجة الفرحة..
إنما نفرح ساجدين لله،
شاكرين له، ونقول: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والمخطوفون أنفسهم، كل
واحد منهم ساعة خروجه من الطائرة، يضع الميكرفون على فمه، وأول ما يقول: الحمد لله
على سلامتنا.
كما أنني أقول للصحافة-
وجزاها الله خيرًا على تغطيتها الإعلامية لقضايانا وقضايا الأمة الإسلامية، ولكن
أقول لها: ليكن عندك ذلك الحس الشرعي، فلا يجوز شرعًا في لحظات نصر أمتنا على
أعدائنا، أن نأتي بآيات الله فنحرفها ونزوّرها، فنجعل في الكاريكاتير «كل من عليها
فاو»، فهذا كفر صراح بإجماع الأمة.
الآية تقول: (كُلُّ مَنْ
عَلَيْهَا فَانٍ) (الرحمن: 26)، وليس «فاو»، ولا نريد
أن تعود صحافتنا إلى ما كانت عليه في الماضي، يوم أن كانت تخرج الكاريكاتير لامرأة
عارية، واضعة ساقًا على ساق، وتكتب تحتها قوله تعالى: «والتفت الساق بالساق»!
نستغفر الله، نستغفر
الله، نستغفر الله، من الذنوب القواطع، التي تأتي بالبلاء بعد البلاء.
إنما يُشكر الله بالطاعة،
وبالعمرة، وبالحج، وبالصيام، وبالزكاة، وبالحكم بما أنزل الله.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل
السفهاء منا، ولا تعاملنا بما نحن أهله، وعاملنا بما أنت أهله، أنت أهل التقوى
وأهل المغفرة.
رابعًا: العرب نائمون والموساد لا ينام
ومن على منبر الدفاع عن
المسجد الأقصى، أبعث تعزية باسمي وباسم المصلين، إلى
حركة «فتح»، وإلى أسرة أبي جهاد، خليل الوزير، وأقول لهم: إن طريق
«الأقصى» وفلسطين لابد أن يملأ بالتضحيات، فإن «الأقصى» وفلسطين لا يمكن أبدًا أن
تحرر بغصن الزيتون، لابد أن يعرفوا هذه الحقيقة، أن يسقط غصن الزيتون، وأن يرفع
الرشاش، وأن الغادرين والماكرين موجودون الآن، ليس هناك فقط في تونس، في مأساة
اختراق الأمن العربي الخائر، النائم، الغافل، الغافي، وإنما هم في كل مكان.
الأمن العربي مخترق من
عناصر الموساد الإرهابي
الأمن العربي يُخترق في
العراق يوم أن جاءت الطائرات عبر دول عربية لم تكتشفها أجهزة
الإنذار وقصفت المفاعل الذري في العراق.
ويخترق الأمن العربي، حتى يأتي إلى مكتب المنظمة في تونس ويقصف،
ثم يخترق بصورة تهدر الكرامة والعزة، ويأتي أكثر من ثلاثين عنصرًا من
«الموساد الإسرائيلي» ويدخلون بحرًا في المياه الإقليمية العربية، ويمشون مسافات
(باصان وسيارة بوكس)، ويدخلون بيت أبي جهاد، ويقتلون حرسه، ويقتلونه غدرًا، ثم
يعودون بعد ذلك، وهم يصورون بالفيديو كل حركة، ويقولون لزوجته: «اخرجي ونادي بأعلى
صوتك، إن استمعت من يجيب إليك»!
إلى هذه الدرجة الجميع
نائمون في كل مكان، الطائرات تُخطف، والمجاهدون والمقاتلون يغدرون، والمأساة نشرتها
جريدة «القبس» في الرابع من رمضان، أن 400 «إسرائيلي» من «الموساد» يدخلون منطقة
الخليج، 400 من «الموساد» يدخلون بجوازات مزورة، من يهود العرب، تحت اسم مستشار أو
تاجر أو صحفي أو فني، لماذا؟
للتصفيات الجسدية؛ لأن
حكومة اليهود عجزت عن الانتفاضة داخل فلسطين، وأن حركة المقاومة الإسلامية
قياداتها سرية غير مكشوفة، لأن شروطهم مشددة، والحركة الموحدة أصبحت الآن جنبًا
إلى جنب مع المقاومة الإسلامية، فليس لأحد السيطرة عليها، لا في الداخل ولا في
الخارج، فالذي قُتلت أمه وابنه وأبوه وأخوه، وهُدم بيته، لا ينتظر أوامر من أحد،
إلا من الله سبحانه وتعالى.
عند ذلك، قام اليهود
الخبثاء بالضغط على القيادات الخارجية بتصفيتها واحدًا تلو الآخر، لعلها تجد من
بينهم من يصدر الفرمان والأمر..
يا أيها المجاهدون.. يا
أيها الأطفال.. يا أيتها الحجارة.. قفي ليتمتع اليهود بالأمن القومي اليهودي،
وهيهات هيهات أن تقف الانتفاضة.
إن الدم لا ينام، إن الدم
لا يغفل، والأرض تأبى أن تبتلع الدماء، وأرض فلسطين لا تجف دماؤها،
حتى يخرج أو يقتل آخر يهودي بإذن الله.
قتلتم القيادات في الداخل
أو في الخارج، فإن الجهاد ماض إلى يوم القيامة، الجهاد وصل إلى قلوب الأطفال
والنساء، فلن تصلوا إليه بإذن الله رب العالمين أيها اليهود.
اللهم انصر المجاهدين
داخل فلسطين وخارج فلسطين، اللهم حرر «الأقصى» يا رب العالمين، وكما عودتنا سبحانك
في شهر رمضان؛ إذ نصرت أهل «بدر»، وفتحت مكة، نسألك أن تفتح «الأقصى»، هذا الدعاء
ومنك الإجابة، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب
الرحيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين،
ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله.
خامسًا: القرآن الكريم يحارب الإرهاب والإرهابيين
أما بعد، عباد الله..
أوصيكم ونفسي بتقوى الله، العاصم من القواصم
والقرآن الكريم يحارب
الإرهاب والإرهابيين، فيقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي
الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ. قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ
وَأَهْلَهُ) (النمل: 48-49).
الخصومة بينكم وبين
نبيكم، فلماذا تستهدفون أهله؟
هذا إرهاب.. إرهاب.. قتل
الأطفال في فلسطين الآن، يضعون الأطفال تحت الماء الحار، أطفال صغار، لا ذنب لهم،
سوى أنه الإرهاب.
يقول الله تعالى: (قَالُوا
تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ
لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ. وَمَكَرُوا
مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ
عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) (النمل:
49-51).
وهذا دليل على أن الدول
التي تتبنى الإرهاب يدمرها الإرهاب ويدمر قومها أجمعين.
ودليل واقعي آخر، ففي
لحظات اختطاف الطائرة ومأساة القتل التي جرت فيها، كان الله يدمر الدول وجيوش
الدول التي تتبنى الإرهابيين؛ برًا وجوًا وبحرًا (أَنَّا
دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا
ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ
آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (النمل: 51-53).
فالنجاة لأهل الإيمان،
ولأهل التقوى، حقيقة ثابتة، في كتاب الله.
أيها الأحباب الكرام..
إخواننا الوافدون يفرحون
لأفراحنا ويحزنون لأحزاننا
أصبح من الواجب على كل
مسلم، عند الإفطار، لكثرة مآسي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وفي قيام الليل، وفي
العشر الأواخر، وفي الجوف الأخير، وعند السحور، أن نلهج بالدعاء إلى الله بالنصر
والتمكين، وأن يجمع الله سبحانه وتعالى أمة محمد على كلمة لا إله إلا الله، محمد
رسول الله، وأن ينصر المجاهدين في فلسطين، وأن يقيم دولة الإيمان في أفغانستان،
وأن يوحد شملنا متآخين متحابين.
فيا أيها الإخوة..
رأيتم كيف وحدت هذه
الأزمة هذا الشعب، والله إنني أسمع بالصدق، تعبير إخواننا الوافدين من جميع
الجنسيات العربية والإسلامية عن إخوانهم المخطوفين في الطائرة، وإنني لألمس الصدق
في العبارة والإشارة، وأرى الدموع تترقرق في عيونهم، وقد يكون منهم الفقير
والمعدوم، ومن لا إقامة له، ومن لا وظيفة له، ومن عليه الديون، ومع هذا ارتبط بهذه
الأرض برباط الدين والعقيدة والإيمان والإسلام.. إنهم يبكون لبكائنا، ويفرحون
لفرحنا.
وإن كان الجسد فيه سرطان
منبث لا نستطيع قطعه لانتشاره، فعلى الأقل أن نعطي هذا الجسد مصلًا ينعش خلاياه،
ويكثر فيه كريات الدم البيضاء، وليست السوداء أو الحمراء التي تأكل الجسد.
أيها الأحباب.. انتبهوا
أوجّه إليكم هذا الخطاب،
حكومة وشعبًا، فإن الجسد المريض الذي فيه سرطان، الأطباء يقولون: إن عجزنا عن
علاجه واستئصاله، فعلى الأقل نقوّيه بالأمصال، لكي تنتعش خلاياه، ويصبح قويًّا
معافى، فلا يستطيع السرطان أمام الكريات البيضاء أن يأكل الجسد كله.
والإرهابيون، والشامتون،
والفرحون، بهذا الاختطاف، نقول لهم: تعستم، وانتكستم في الدنيا والآخرة، الحمد لله
الذي أفرح أحبابي، الحمد لله الذي أغاظ أعدائي.
دعاء الختام
اللهم إنا نسألك نصرًا
بعد نصر، وفرحة بعد فرحة، وتمكينًا بعد تمكين.
اللهم إنا نسألك أن تجعل
بلدنا هذا وسائر بلاد المسلمين أمنًا وإيمانًا، سخاء ورخاء.
اللهم من أراد بنا
والمسلمين سوءًا فأشغله في نفسه، ومن كادنا فكده، واجعل تدبيره تدميره.
اللهم احرسنا بعينك التي
لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا
يا أرحم الراحمين، ندفع بك اللهم في نحور أعدائنا، ونعوذ بك من شرورهم، منزل
الكتاب ومنشئ السحاب ومجري الحساب وهازم الأحزاب، اهزم أحزاب الباطل، وانصر حزب
الحق يا رب العالمين، آمِن في هذه الديار روعاتنا، واستر عوراتنا، وخفف لوعاتنا،
إنك على ذلك قدير.
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء
والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).
اذكروا الله يذكركم،
واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.