السبت 07-يونيو-2025 - 11 ذو الحجة ، 1446
أضرار الربا
خطبة جمعة
الربا
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما ينبغي لأسمائه الحسنى، وصفاته العلا، ووحدانيته، حمداً خالداً مع خلوده، لا منتهى له دون علمه، ولا أجر لقائله إلا رضاه والنظر إلى وجهه في جنات النعيم.
أما بعد، عباد الله:
أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وأرض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والصحابة أجمعين، ومن جاهد بجهادهم إلى يوم الدين.
يا أهل الكويت، اتقوا الله، يا أهل الكويت، اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين.
منذ أربعين عاماً وأنتم تحاربون الله بالربا، وهو صابر عليكم، إلا قليلاً من المؤمنين.
«الربا بضع وسبعون شعبة أيسرها كأن يأتي الرجل أمه».
«درهم ربا يأكله المرء وهو يعلم أشد عند الله من ست وثلاثين زنية».
يا أهل الكويت، إن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، كل المؤسسات الربوية التي افتتحت رسمياً بمرسوم أميري جيء بقارئ للقرآن يقول: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً) (الفتح: 1)!
ويشهد الوجهاء والكبراء والمسؤولون ذلك الافتتاح، وهو في السجل عند الله محفوظ، سيؤتى بهم جميعاً، كبيرهم وصغيرهم، يقال لهم، إن لم يتوبوا ويعلنوا التوبة رسمياً، بالإذاعات والصحف أمام العالمين، يؤتى بهم يوم القيامة، فيقال لكل واحد منهم: خذ سلاحك، فيقول: لم؟ يقال له: لكي تحارب الله.
سيسبح كل واحد منهم في بحار الدماء، فإذا تعب أُلقم الحجر، أبد الآبدين في جهنم وبئس المصير.
وكل مستحل للربا هذا مصيره، وتبعث الخلائق يوم القيامة أسوياء على أقدامهم أمام ربهم، إلا آكل الربا يتلبطون ويتخبطون على وجوههم، (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ) (البقرة: 275).
إلى جميع المسوسين في الدنيا قبل الآخرة، أقول لهم من هنا، من منبر الدفاع عن الأقصى: اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا.
يا أهل الكويت، (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (الأنفال: 26)، وبعضكم يصر على الخبائث ولا يبالي.
يطعم نفسه وأهله، و«أيما جسد نما من الحرام والسحت فالنار أولى به»، فلا بركة في أموالهم، ولا أولادهم، ولا تجاراتهم، ولا أعمالهم.
الربا اليهودي ذلك الاستعمار الخفي، الذي يطوق الأمم والشعوب، قد أطبق على رقابنا لا يكاد ينجو أحد منه، والناس كل يوم يستيقظون وينامون عليه.
يا شعب الكويت، اتقِ الله، وتذكر يوم أن كنت شريداً طريداً في الصحراء في عز الصيف يموت أبناؤك من الظمأ، اتق الله، يوم أصبح المسافرون منكم في منتجعاتهم لا يستطيعون العودة إلى بيوتهم، اتق الله، يوم كان أبناؤكم يُذبحون عند بيوتكم، فلا يجدون من يدفع عنهم.
يا شعب الكويت، تذكر يوم أن كنت تجري مشتتاً على مستوى الأرض كلها؛ (وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ {11} فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُم مِّنْهَا يَرْكُضُونَ) (الأنبياء: 11).
والله لا أنسى ذلك الركض، وتلك الوجوه الحائرة، والعيون الغائرة، والأطفال المرماة على الأرصفة، في مكان، ما أنساها إلى أن ألقى الله، وأشهد على أهل الكويت أمام الله، ما أنسى، ما أنسى نساء الكويت، من بعد منتصف الليل، اسودت أحجبتهم، وتساقطت عباءاتهم، حفاة الأقدام، لا يجدون من يأويهم.
(لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ {13} قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ {14} فَمَا زَالَت تِّلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ) (الأنبياء).
ثبت الإصرار، وقل الاستغفار، فلنرتقب الدمار، في ليل أو نهار.
أما وأنني أشهد أننا لم نتب، لم نتب، كيف نتوب والوضع كما تعلمون؟
أخذ الله قوم صالح بشقيهم، بشقي واحد؛ (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا {14} وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) (الشمس)، (فَتَعَاطَى فَعَقَرَ {29} فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) (القمر)، فأينما تذهب هناك في الأكل الذي وُضع لكي يدفع الغبار، وهناك خلف الأسلاك، زجاجات الخمور، ذهبت عند إحدى الوزارات، قنينة الخمر فوق الرصيف يطوف بها الناس، كما يطوفون بالكعبة، ولا ينزل أحد حتى يحملها عن أنظار الناس.. ماتت فيهم الغيرة، وهلك عندهم الأمر والنهي عن المنكر.. يشربها ويتركها على الرصيف، ويتولى ولا يبالي، لأنه ليس هناك من يقيم عليه الحد، سكارى، الناس سكارى، وما هم بسكارى، ولكن عذاب الله شديد.
سيأتي يوم السكر الأكبر، بدون خمر، (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا) (الزلزلة: 1)، هذا هو اليوم، فليشربوا وليسكروا، زجاجاتهم في كل مكان نشاهدها، ماذا أقول لربي؟
جمهور الكرة يوم أمس، تمر عليه فريضتان من الصلاة لا يقوم واحد منهم يصلي، وكاميرا التلفاز تتعمد أن تنقل الصور المختلطة فوق المدرجات، كأننا في إحدى دول الغرب، ما هذا؟! الإناث والذكور يردحون فوق المدرجات للكرة، والمؤذن يقول: حي على الصلاة، وهم يقولون: حي على الملاعب؛ (مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ {2} لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) (الأنبياء).
هل فيكم أحد ينكر هذا؟
وكأن التلفاز يتعمّد ليقول لأم الشهيد، السعودية، والقطرية، والإماراتية، والكويتية، وأم الأسير: هذه هي الكويت، اشهدوها، ذكوراً وإناثاً بلا مسؤولية، يتقافزون ويتلاحمون، ويتشاهقون، على المدرج أمام الكرة، في اختلاط داعر، ما تصير فرصة، من فرص التلفاز إلا ويوجه الكاميرا عليهم.
صورة قاتمة مظلمة، مأساة، والإسلام يُذبح، أما «الأقصى» فقد انتهى الناس منه، وباعوه، على مستوى الحكام باعوه، وعلى مستوى الشعب الفلسطيني وقادته أصحاب النضال باعوه، ولم يبق إلا فئة مؤمنة، هنا وهناك، تواري نفسها، وتتستر مخافة البطش.
وأما المسلمون ففي كل بلد مجزرة وسجون، الأكراد يُذبحون، الأفغان يُذبحون، المسلمون في الهند يُذبحون، المسلمون في كشمير يُذبحون، وفي كل مكان، في إريتريا، وفي كل مكان.
ونحن نلعب ودماء شهدائنا لم تجف، وجثثهم لا تزال طرية تحت التراب.
نلعب ولا نبالي، ويختلط الإناث والذكور فوق المدرجات، ليشهدها الآباء والأمهات.
سيارة تطوف في السالمية، مكتوب عليها: عندنا دروس للجنس بالإنجليزي، والدرس الأول بالمجان، الدرس الأول في الكرفان المتنقل بالمجان!
محطة التلفزيون، أفاجأ فيها البارحة، ولم أعلم أنها منذ زمن مفتوحة، محطة أوروبية إنجليزية، القناة العربية عند الإنجليز: عُري، وفجور ودعارة، إعلانات متفسخة، برامج سافلة، أصبح الإنسان ما في داعي يشترك في محطة الأقمار كي ينقل الكيبل، وتأتيه المحطات الجنسية.. لا.. أصبح كل تلفاز تقوم بفتحه تجد هذا!
هذه هي التوبة، وهذا هو شكر الله على التحرير.
الاختلاط في الجامعة، وما أدراك بالاختلاط في الجامعة! جنّ جنون البنات، والشباب.. تسابقت بيوت الأزياء إلينا، يحملون الأكفان، وليس الفستان، أكفان الميتين الأحياء، لا تُسمع الموتى، بألوانهم وأشكالهم وروائحهم وشعورهم وأفخاذهم.. ما هذا؟! ما هذا؟!
لمثل هذا يذب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
والآباء يوصلون البنات، ولا يبالون، ما كأنهم من أيام، ما يدرون يصبحون أو لا يمسون.. ألا يتعظون؟! ألا يعتبرون؟! ما هذه القلوب الغافلة السادرة؟! أموال الدول تُنهب وتُسلب بطرق عجيبة، غريبة.. مليارات، وكأنهم في سباق مع الزمن.. قبل أن يأتي المجلس اليتيم، مجلس الأمة، وسواء جاء أو لم يأت، سيأتي قدر الله، فسُنة الله جارية على الأمم، (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً) (فاطر: 43).
إعلان تشكيل لجنة من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية، وهل الشريعة الإسلامية التي حكمت خمسة عشر قرناً، تنتظر «لجنة»؟ لجنة.. وأقول للجنة: اتقي الله يا لجنة، اتقي الله، ولا تكوني لجنة استشارية، وممسحة زفر، لن ينجيك من الله إلا أن تعلني تطبيق الإسلام كاملاً؛ سياسياً، اقتصادياً، إعلامياً، اجتماعياً، شعائرياً، شرائعياً، تعليمياً، عسكرياً، سلوكياً أخلاقياً، لن ينصر هذا الدين إلا من حاطه من جميع جوانبه.
(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ) (آل عمران: 85)، (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة: 50).
حكم الشريعة ينتظر لجنة، حكم الشريعة ينتظر إعلاناً.. إعلاناً من كلمتين، نعلن هنا في دولة الكويت تطبيق الشريعة الإسلامية، وهي المصدر الوحيد للتشريع.. فقط.. انتهى الأمر، لا يحتاج إلى شيء.. لا لجان، ولا فتاوى.. تبدأ الأوضاع كلها تتعدل كما تتعدل السيارات أمام إشارات المرور.. صارت حمراء يقفون.. صارت خضراء يمشون..
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أقول لكل الدعاة المخلصين، اثبتوا يرحمكم الله، لن ينجو عند الدمار إلا أنتم وأمثالكم، وهذا ركبكم، فمن شاء فلينضم إليه، ومن شاء فليتأخر، فإن الله قد أعلن في كتابه الكريم: (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ) (هود: 116)؛ قرون سلفت دمرها الله، (فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ {116} وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) (هود).
فانضموا إلى ركب المصلحين يرحمكم الله، انضموا إليهم هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم، لا تلتفتوا: (أَزِفَتْ الْآزِفَةُ {57} لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ) (النجم)، وهذه قضايا المسلمين لا يتبناها أحد.
الأكراد يُذبحون، فقفوا معهم، ولا تلتفتوا، لا تلتفتوا إلى الإعلام، وما أكثر الإعلام! (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ) (النساء: 114)، وإلا كله تحت النعال.
إعلام، إعلام مقروء ومسموع ومنظور، يقول الله عنه: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ).
إعلام فاجر، كل ليلة يشاهد فيه الأهوال، ونقرأ منه البلايا، والخطايا.
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تعاملنا بما نحن أهله، وعاملنا بما أنت أهله، أنت أهل التقوى، وأهل المغفرة، ولا تهلكنا بما يفعل المبطلون، أبرأ إليك من ظلم الظالمين، وإصرار المصرين، وتكبر المتكبرين.
اللهم إنهم ليسوا منا، ولسنا منهم، أنت ولينا ورسولك والمؤمنون، ويا أم الأسير، ويا من يجرحون قلبك كل ليلة بهذا المشهد الأليم، وأنت تشاهدين في التلفاز لقاء الأسرى، والأم تشهق وتبكي وتقذف يديها إلى الفضاء، عندما شاهدت ابنها الأسير يعود، وأنت في بيتك الآن تبكين تتألمين، تتنسمين رائحة ثوبه، أقول لك: اصبري، لولا أن إيمانك أكبر، ويقينك أعظم، ما ابتلاك الله وإلى هذه الساعة، إنما أنت منحة الكويت، لعل الله بصبرك ينجينا، من الدمار.. اصبري يا أمة الله، واحتسبي، ففي كل دمعة تدمعينها في أمواج الحزن في قلبك يجدد الله لك الأجر، والله قادر على فكهم، فلا تحزني لعري العاريات، ولعب اللاعبين، وتفاهة التافهين، لا تحزني.
أسأل الله سبحانه أن يترك أولئك الشباب والشابات التائهين الحائرين الكاسيات العاريات ويودعهم مكان الأسرى، ويأتي بأسرانا الشرفاء، هو ولي ذلك والقادر عليه، ليجبر قلوب الأمهات، ويمسح دموع الزوجات، ويمسح على رؤوس الأطفال المساكين، بالبعيدين عن آبائهم وأمهاتهم، آمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة.
أما بعد، عباد الله..
اقرؤوا كتاب الله، وعودوا إلى آياته كما كنتم أيام الاحتلال، إذ أصبحت المساجد تُملأ بالمصلين، وقد صليت الفجر اليوم فرأيت الصف الأول اليتيم، وقد قُطعت أطرافه، إلا من أربعة أو خمسة، جاؤوا في ظلام الليل يبشرهم نبيهم: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»، فقد كان الناس يسهرون حراساً في الطرقات أيام الاحتلال لا ينامون، والآن ينامون ولكنهم ينامون عن الصلاة، تأتي الملائكة لصلاة الفجر والعصر يسألهم الله على ماذا تركتم الناس؟ يقولون بعد التحرير، جئناهم نائمين، وتركناهم نائمين إلا قليلاً من المؤمنين.
فيا عباد الله، عودوا إلى كتاب الله، ولينجُ كل امرئ بنفسه، وأهله، ولا يلتفت، عودوا إلى كتاب الله الذي يقول: (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ {25} وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ {26} وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ {27} كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ {28} فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ) (الدخان)، ليلتفت كل واحد منكم إلى نفسه، وأهله، وليلُذ بكتاب ربه، وليعض على جذع شجرة حتى يأتيه أجله، ويدعو ويقول: اللهم سلمنا، وسلّم منا.
اللهم إنا نسألك يا الله، بأسمائك الحسنى، ما علمنا منها وما لم نعلم، نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وإذا أردت بعبادك فتنة، فنجنا منها غير مفتونين، برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أنت تهدي لمن شئت إلى الحق بإذنك، اهدنا لما شئت من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
اللهم إنا نسألك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى، والصدق والإخلاص، واليقين، والمعافاة، والعلم النافع، والعمل الصالح، نسألك الأمن في البلد، والإصلاح في الولد، والعافية في الجسد، اشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين، وتقبل شهداءنا، وفك قيد أسرانا.
اللهم فك قيد أسرانا، اللهم لا تأخذهم بذنوبنا، اللهم فك قيد أسرانا برحمتك يا أرحم الراحمين، إن الذنب كبير، والعمل قليل، ولا نثق إلا برحمتك يا أرحم الراحمين، نسألك بعزك وذلنا، وقوتك وضعفنا، وفقرنا يا أرحم الراحمين، وغناك عنا، هذه نواصينا الخاطئة بين يديك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، عبيدك سوانا كثير، وليس لنا رب سواك، نسألك مسألة المسكين، ونبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وندعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك قلبه، يا أرحم الراحمين.
لا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء، ولا المبطلون، نبرأ إليك من هؤلاء، ونستغفرك من هؤلاء، إنما أنت ولينا ورسولك والمؤمنون، فيا ولي الصالحين، كن ولينا، اغفر حوبنا وخطايانا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ولا أقل من ذلك، رحماك، رحماك بالأطفال اليتامى، والنساء الثكالى، والشباب الحيارى، رحماك بالبهائم الرتع، والأطفال الرضع، والعجائز الركع، اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، سقي عامة نافعة، رزق إيمان وعطايا إيمان، تذهب بالبلاء والداء.
اللهم إنا نسألك العافية، ودوام العافية، وتمام العافية، من أرادنا والمسلمين هنا وهناك فأشغله بنفسه، من أرادنا بسوء فأشغله بنفسه، ومن كادنا فكده، واجعل تدبيره تدميره، احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا يا أرحم الراحمين.
اللهم نجعلك في نحور أعدائنا، ونعوذ بك من شرورهم، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم.
عباد الله..
إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون.
اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.