الأحد 09-نوفمبر-2025 - 18 جمادى الأول ، 1447
وصف الجنة
وصف الجنة
كثر الهرج، ما الهرج يا رسول الله؟ قال: كثرة القتل، فلا يعلم القاتل لما قتل، ولا يدري المقتول لماذا قُتل؟
كثر الهرج حتى أصبح الإنسان عمره أرخص من ثمن رصاصة القتل، بل عمره بالمجان، والأخبار تأتينا بالمجازر والمذابح كل حين بالملايين، وأصبحت الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر {أزفت الآزفة. ليس لها من دون الله كاشفة} (النجم: 75 – 58)، لهذا أردت أن أُعلّق قلوبكم بجنات النعيم، وأدول نفسي وإياكم طُرق الجنة.
الجنة وما أدراك ما الجنة تُرابها المسك، حصبائها اللؤلؤ والياقوت، ملاطها المسك الأزفر، لبنة من فضة ولبنة من ذهب، وأوانيها من ذهب وفضة، نباتا الزعفران، أهلها أمشاطهم الذهب، ولا يتغوطون، مجامرهم الألوه (أي العود الذي يبخر به)، لا يبولون ولا يتمخطون، ولا يتفلون، إنما عرقهم ورشحهم المسك، لا تُبلى ثيابهم، ولا يفتى شبابهم، صورتهم على صورة يوسف الصديق وعمره ثلاثة وثلاثون، وعلى قلب أيوب، النبي الراضي بقضاء الله، طولهم ومسحتهم على طول ومسحة أبيهم آدم، ستون ذراعاً في الفضاء (رواه مسلم)، يتنعمون في جنات النعيم، ما بين ثمرة نضيجة ونهر مطرد وريحانة تهتز، وزوجة حسناء، إذا نظر في وجهها رأى صورة وجهه تدور في وجهها كما يدور القمر على صفحة الماء، إنها جنات النعيم: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} (السجدة: 16 – 17).
فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، أنهار خمسة فيها تتطرد، نهر الكوثر، ماؤه أحلى من العسل، وأبرد من الثلج، وأبيض من اللبن، ونهر الخمر لذة للشاربين، ونهر العسل المصفى، ونهر اللبن الذي لا يتغير طعمه، ونهر الماء غير الآسن.
أنهار عليها طيور ناعمة، كالجمال الخرسانية، يتنعم أهل الجنة في أكلها، ويتزوج الإنسان الشهيد باثنتين وسبعين زوجة، وأحلى ما في الجنة أن يتطلع الله على العباد فيقول: أي عبادي، هل أرضيتكم ورضوان من الله أكبر من الدنيا، نعيمها وزخرفها وأموالها ونعيمها وملاذها رضوان الله، فيقولون: أي ربنا: كيف لم تكرمنا وترضنا وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، يقول: " أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبداً} (رواه البخاري ومسلم)، ثم يرفع حجاب النور عن وجهه فينظرون إلى وجهه الكريم {وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة} (القيامة: 22 – 23).
فينسون كل نعيم في الجنة، فيأتيهم من نور الله وبهاء الله وجمال الله، فإذا عادوا إلى أزواجهم قلن لهم: إننا نراكم أحسن مما كنتم فيه، فيقولون: ولما وقد جئناكم من زيارة أرحم الراحمين.
الجنة، وا شوقاه
يا حبذا الجنة وتربتها
طيبة بارد شرابها
والروم قد دنا عذابها،
عليّ إن لقيتها حرابها
هكذا، قالها جعفر بن أبي طالب وهو يخوض معركة مؤتة مع الصليبيين.
أيها الأحباب:
أقدم لنفسي ولكم طريق الجنة، وقد تتبعتُ الأحاديث التي تضمن لكم الجنة، جاء اسمها بالنص، قال صلى الله عليه وسلم: "ما من رجل يسلك طريقاً يطلب فيه علماً إلا سهل الله له طريق الجنة، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه" (رواه مسلم)، إذن وأنتم طالبون للعلم، وهذا اليوم من الخطبة كل من أخلص النية لله فتح الله له طريق الجنة بإذنه.
الطرق أمامكم مغلقة عند جنات العرب، يظل كل واحد منهم أن بلده هي الجنة بعد أن تتوضأ للصلاة بفتح الله لك أبواب الجنة الثمانية من يعطي مثل الله.
قال صلى الله عليه وسلم: "سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، وأبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" (رواه البخاري)، يقول صلى الله عليه وسلم: لا يقولها أحد حين يمسي فيأتي عليه قدر (الموت) قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة".
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي دُبر كل صلاة مكتوبة لم يمنع من دخول الجنة إلا أن يموت" (رواه البخاري)، يعني لو فاضت روحه بعد أن يقرأ آية الكرسي لزفت روحه الملائكة إلى عليين في جنات النعيم.
يقول صلى الله عليه وسلم: "بشر الناس أنه من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وجبت له الجنة"، وقال: "خمس من فعل واحدة منهن كان ضامناً على الله، من عاد مريضاً أو خرج مع جنازة، أو خرج غازياً، أو دخل على إمام يريد تعزيره، وتوقيره، أو قعد في بيته فسلم الناس منه وسلم من الناس" (رواه الطبراني).
"غضوب لا يدفع الشر لا من يده ولا من لسانه، أحسن أن يجس في البيت ضمن الله له الجنة".
لو طبقوا هذا الحديث ومنعوا أنفسهم لن يكون هناك جريمة.
يقول صلى الله عليه وسلم: "من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتبت له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة، وبإقامته ثلاثون حسنة" (ابن ماجه والدار قطني والحاكم).
"ومن توضأ فأحسن الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وقال: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له أبواب الجنة الثمانية" (رواه مسلم).
قال صلى الله عليه وسلم: "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلاً كلما غدا أو راح" (رواه مسلم).
يتابع صلاة المسجد في الجماعة وبعض المسلمين، لا يصلي الجماعة، ويكتفي بصلاة الجمعة وكأن الجمعة احتفالاً أو زيارة كنيسة في يوم الأحد الذي أمر بالجمعة أمر بصلاة الجماعة فهي واجبة، نملأ بيوت الله، أما سمعتم الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليتبشبش لعبه إذا جاء لمسجده وبيته كما يتبشبش أهل الغيب إذا عاد من سفره" (رواه ابن خزيمة، والبش: فرح الصديق بالصديق).
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من صابر على اثنتي عشرة من السنة بنى الله له بيتاً في الجنة، أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر" (رواه مسلم)، الله يبني لك قصراً أو بيتاً في الجنة، تقول أنت فعلت ذلك كثير، خمسون سنة، وأنا أصليهم لكل يوم بيت في الجنة، وقصر أنت تتعامل مع الله.
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى ركعتين يقبل عليها بقلبه ووجهه وجبت له الجنة" (رواه مسلم).
تقبل بقلبك، الشيطان يأتيك، إذا جئت تصليها يفتح لك أبواب الدنيا، الجنة لا يدخلها إلا من فقه في الدين.
هذه بعض الطرق لجنة الله، فهيا نسير إليها ما دامت الفرصة سانحة لا نلتفت: {لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر} (المدثر: 37).
ويقول صلى الله عليه وسلم: "ما سئل رجل مسلم الله الجنة ثلاث إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاث إلا قالت النار اللهم أجره من النار" (رواه أبو داود).
نسألك اللهم الجنة، ونعوذ بك من النار، اللهم أجرنا من النار.
رجل مات فدخل الجنة، فقيل له: ما كنت تعمل؟ قال: كنت أبايع الناس، فكنت أُنذر المعسر، وأتجاوز في الصكة، أو في النقد"، هذا الرجل متسامح وسخي، هذا التسامح هو الذي أدخله الجنة، فكونوا متسامحين.
يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة" (رواه مسلم).
يقول صلى الله عليه وسلم: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" (متفق عليه).
عبدة مهجورة، حتى في عالم المتدينين، لا يُسلم إلا من الذي يعرفه، الإفشاء هو النشر، على من تعرف وعلى من لا تعرف.
ثلاثون حسنة، مضمونة لمن يتعاطى السلام.