الأربعاء 05-نوفمبر-2025 - 14 جمادى الأول ، 1447
الحجاب
الحجاب
بعد الحمد لله، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم
أيها المسلمون:
الرسول صلى الله عليه وسلم كان أخوف ما يخاف على رجال أمته من النساء، ما تركت فتنة أضر على الرجل من النساء، وأو فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، ومن النساء، وكان صلى الله عليه وسلم يحرص على تربية المرأة ويعطيها من المشجعات والمرغبات فيقول: "من صلت فرضها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها، وحصنت فرجها، قيل لها أدخلي من أي أبواب الجنة شئت" (رواه ابن حبان وصححه الألباني، صحيح الجامع 1/240).
أي ترغيب بعد هذا؟ يقول صلى الله عليه وسلم: "نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا غضب عليها وضعت يديها في يده وقالت: لا أذوق غمضاً حتى ترضى" (رواه النسائي، والطبراني في الصغير والأوسط، وهو حديث حسن بشواهده، حسنه شيخنا الألباني).
ويقول صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة مات عنها زوجها وهو راض عنها وجبت لها الجنة".
فكل هذه المرغبات من أجل المرأة، من أجل الزوجة، وهكذا يعني الإسلام بالنساء، ومن مظاهر عنايته أمره بالحجاب، لقد كان المنافقون في المدينة وقبل معركة بدر، كانوا يعلنون الكفر، ولا ينافقون، فلما سارت معركة بدر، وقف عبدالله بن أُبي بن سلول كبير المنافقين، وقال: أيها الناس: إن أمر محمد قد توجه، ولا قِبل لكم به، فادخلوا في دينه ظاهراً، وأبطنوا له العداء، أي نفاق هذا؟
فتظاهروا بالإسلام وأبطنوا في قلوبهم العدوان للإسلام، ثم نزل الحجاب الإسلامي، وكان سبب نزوله أن النساء المسلمات في المدينة كن لا يتمنون بثيابهن ومظهرهن عن الكافرات، وعن المنافقات، فكان المنافقون يتحرشون بنساء المؤمنين، يلقى عليهن كلمة عابرة حتى اشتكى كثير من الصحابة فأصابهم من أذى المنافقين في نسائهم كذلك لم يكن في بيوت المسلمين، أعزكم الله، حمامات، كما في بيوتنا الآن، ولكن كان الناس بسطاء كانت المرأة إذا أرادت أن تقضي حاجتها انتظرت حتى تأتي الغروب، ويخيم الظلام، فتأتي عند الجبل أو الصخور بعيداً عن الناس، فتقضي حاجتها هناك، وكان المنافقون المجرمون في هذا الوقت يترصدون النساء ليتفرجوا على النساء وهنّ في هذه الحالة، خسة ودناءة وقلة مروءة، فإنه ما لا دين له لا مروءة له، لا شك في ذلك.
أيها المسلمون:
والفاروق عمر كان يتأذى مما يحدث ويأتي الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول يا رسول الله: لو منعت نساءك أرجو أن ينزل الله في النساء قرآناً يحجبهن عما نحن فيه، انظر حرص المجتمع المسلم على عفاف المرأة ونظافة المرأة، فأنزل الله جل ثناؤه آيات الحجاب تأمر المرأة المسلمة أن تتميز عن سائر النساء فيصبح لها شخصية ومظهر خاص وإيماناً يختلف عن سائر النساء حتى تصبح معلومة معروفة، لا يتعرض لها أحد.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (59)} (سورة الأحزاب، الآية: 59).
تبين السبب أن يعرفن فلا يؤذين، أن تصبح المرأة المسلمة معروفة فلا يتعرض لها المنافق ولا يؤذيها، والمرأة المحترمة تفرض احترامها على الناس، والمرأة الساقطة تشجع الصالحين على الفساد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا قال سبحانه وتعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك}، لأن البداية يجب أن تكون في القيادة عندما يكون رجلاً متديناً، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يجب أن يبدأ بنفسه قبل أن يقول هذا حلال وهذا حرام، هذا حق وهذا باطل، هذا يجوز، وهذا لا يجوز، أولاً عليه أن يبدأ بنفسه لأنه محل القدوة... من أجل ذلك بدأ القرآن بقوله موصياً للنبي صلى الله عليه وسلم ثم أزواج، ثم بنات النبي، ثم بعد ذلك نساء المؤمنين ترتيب الآية عجيب... لأن القرآن لو قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها النبي قل لنساء المؤمنين لرد الناس وعلى رأسهم المنافقون، وقالوا: أهل بيتك أولى بهذا الأمر يا محمد، ولكن الله فوت عليهم هذا المكر وهذا الكيد، لهذا يقول الشاعر:
يا أيها الرجل المعلم غيره
هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنا
كي ما يصح به وأنت سقيم
فابدأ بنفسك فانهها عن غييها
فإن انتهيت عنه فأنت حكيم
فهناك يسمع ما تقول ويشتفي
بالعلم منك وينفع التعليم
لا تنهى عن خلق تأتي مثله
عار عليك إذا فعلت عظيم
حكمة بالغة وإنا من الشعر لحكمة...
والتزم نساء المسلمين بالحجاب الإسلامي فلم يتعرض لهن أحد إلا مرة ذهبت امرأة مسلمة أخت مؤمنة، ذهبت لسوق الذهب في المدينة، وكان اليهود متخصصين في صياغة وبيع الذهب في كل زمان وكل مكان، كل بلد ينزل فيها اليهود أول ما يسيطرون سوق الذهب، وسوق الذهب سوق المال حتى يتحكموا بعد ذلك في ثروات الشعوب.
فذهبت هذه المؤمنة وطلبت من اليهودي أن يعرض عليها البضاعة فقال لها: لا أعرض عليك البضاعة حتى تكشفي عن مواضع الزينة، تلبسين عقد، أظهري صدرك، تلبسين دُملج، أظهري كتفك، تلبسين سواراً أظهري ساعدك، وإلا ما أعطيتك، يساومها على عورتها.... مجرمون، فأبت المرأة، المرأة المسلمة العربية، وكان هناك يهودي آخر يسمع الحوار الدائر بين المرأة العفيفة وبين صائغ الذهب، فماذا فعل؟
أخذ طرف ثوب المرأة المسلمة من خلفها وربطها بطرف خمارها الإشرب، فلما ربط طرف ثوبها بطرف خمارها، وقامت ارتفع الثوب وانكشفت عورتها فلما انكشفت عورتها صاحت فلما صاحت أول مسلم يمر عليها دون أن يعرف السبب ودون أن يسأل عن السبب، امرأة مسلمة تستغيث وا إسلامها، فكان الجواب أن سل السيف وأطاح برقبة اليهودي.
اجتمع اليهود لأن الحادثة كانت في حي اليهود، في حي بني قينقاع، فاجتمع اليهود على المسلم فقتلوه، فماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، حرك الجيش، وضرب الحصار عليهم، ثم أراد أن يستأصلهم ولكنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بالجلاء، فأجلاهم عن المدينة، وذهبوا هناك بعيداً على حدود الشام، فقذف الله عليهم مرضاً فأهلكهم عن بكرة أبيهم، لأن المسلم دافع على عرض المسلمة، استمر الله في المعركة وأنهاهم بجرثومة قضت عليهم جميعاً، إننا نحتاج إلى أمثال ذلك، ونحن اليوم مع الأسف الشديد كثير من النساء كاسيات عاريات مائلات مميلات، بل إن بعض المتحجبات، مع الأسف الشديد،، أسأن إلى الحجاب الإسلامي ولا تزال تنتظر، غيرة الآباء والأزواج والمسؤولين.
أصبحنا نخاف على البنات من المتحجبات التي تحفُ الحاجب وتضع الروج على الشفتين، وتضع المساحيق على الوجنتين، والرموش في العينين، وتضع على أظافرها أصباغاً وأشكالاً وألواناً، وتلبس الحجاب على رأسها ولكنها لو كانت كاشفة لشعرها لكان أهون، فهو مطرز بورود حمراء، وفضة، وذهبية وأهداب مخملية، سوداء، وكأن شعرها الأسود يخرج من تحت الحجاب، وقد لبست القميص الذي كشف ملابسها الداخلية، وصدرها، ورأسها، وربطت الحزام الذهبي أو الفضي في خصرها، ووسطها، ولبست فستاناً صارخاً لا يلبس إلا في الليالي الحمراء في مواخير باريس ولبست الكعب العالي مائلة، هي بمشيتها مميلة لغيرها، ثم نقول لها من أنت؟ فتقول: أنا متحجبة، أي حجاب هذا؟ ثم إذا اقتربت قليلاً جاءتك الروائح الفواحة من جميع أنواع البرفان، والعطور الفرنسية الحديثة، فهي تنادي بمظهرها وتنادي بمشيتها، وتنادي بشكلها، وحركتها، ورائحتها، ثم تقول إنها متحجبة، لا ورب الكعبة، إنا هذا هو حجاب التبرج، والسبب في ظهور هذه الظاهرة العجيبة، أنه أصلاً لم يكن لبس الحجاب لله لأنه لو كان لله لاتقت الله فيه، ولهداها الله، ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم، ولكنها لبست الحجاب لعدة أسباب منها:
1 – قد تكون موظفة، وليس عندها استعداد أن تسرح شعرها كل يوم، مما يعطلها عن الحضور مبكراً للعمل، فأريح لها أن تضع المناديل على شعرها ثم تشده ثم تذهب.
2 – رأت أن النسا لا يلتفتون لها إلا لشعرها ولا ملابسها كسائر الشعور والملابس، فلا بد من ديكور معين يغير اللون والذوق بالنسبة للناس خاصة لزملاء العمل، ورئيس القسم، وزميل العمل فلان، أن تغير الموجة فلبست الحجاب فتنة لا عبادة، فأصبح لها الآن شكلاً وذوقاً خاصاً فأصبح لها جاذبية خاصة.
3 – لعلها لا تملك شعراً جميلاً فهو أجعد أو شائب أو شائك، فأصبحت تغطيه بهذا المنديل حتى تخفي عيوبها.
4 – جعلها تلبسه كأنها رأت فعلاً أن هناك بيوتاً للأزياء أصبحت تهتم، فأصبح للحجاب مودي، وأصبح فيه مسابقات حجاب، وأصبح هناك محلات تتفنن في العرض بألوان صارخة، وأصبح هناك موظفين من بعض الشباب المائع الذي فتح بعض المحلات الخاصة الذي يتفنون باختيار الكلمة والغمزة والعبارة، فلهذا فهي تجول في مثل هذه الدكاكين لترصد الأسعار وتضيع الوقت وتستمتع بمثل هذه اللقاءات العابرة... وهي بهذا ذئبة بشرية تصطاد الناس قبل أن يصطادوها ونحن لم نقل ذلك من فراغ ولكن هذا الأمر عم وطم.
زوروا المؤسسات التي تعمل فيها بعض الفتيات المحجبات لتروي صدق حكمي عليهن، نُكت مع كل إنسان اجنبي يمر وخاصرة مع زميل العمل، إذا التقت معه في المواصلات خذ أسطوانة قصص وحكايات هي ما لبست الحجاب خلق ولا حياء، فلهذا أصبحت لا تبالي بأحد، وعلق اللبانة في فمها، والروج في وجهها، وجميع أنواع الفصوص والخواتم في يديها.
قال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} (سورة النور، الآية: 31).
هؤلاء المحارم الذين يجوز أن تكشف المرأة شعرها ويديها وقدميها، هذه الآيات الحجاب تتنزل في مجتمع مسلم، يقول عنه صلى الله عليه وسلم: "خير القرون قرني"، ومع أنه خير القرون، القرآن الكريم ينهى النساء أن تكشف للأجنبي عدا الكف والوجه، وهذه مسألة خلافية بين العلماء، بعد ذلك تقول أنا محجبة، أي حجاب هذا، والله ينتقم، وانتقامه يم لا يخص.
{واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} (سورة الأنفال، الآية: 25)، وهذه الأزمات هي محاق من الله نتيجة المعاصي والذنوب.
أصيبت مصر في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي العبيدي المنحرف الذي ادعى النبوة ثم الألوهية، ومن أساليبه حرم أكل الملوخية على الشعب، لأنه يحبها، اصدر فرمانا ممنوع على الشعب أن يزرع الملوخية أو أن يأكلها، ماذا فعل الله في عهده؟ النيل الذي يجري من أقاصي جنوب السودان وينحدر أكبر أنهار العالم جف وأصبح طيناً، امتنع النيل فأصيب الناس بمجاعة فأكلوا الخيول والحمير، ثم الكلاب، والقطط، والفئران، تنظيف للبيئة وبلغ الحال... أن خرجت زوجة السلطان وخلفها عشرة جواري يحملنا كنوزها الذهب والألماز والذهب والياقوت والحلي.
والمادي خلفها ينادي وهي تدور بالأسواق وتقول: من يأخذ كنوزي ويعطيني رأس ثور أطبخها لبناتي، وهكذا دعوة ممتدة من عهد موسى عليه السلام: {وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)} (سورة طه، الآية: 88).
فالسكوت على المنكر والإصرار عليه يغضب الله.