الأربعاء 05-نوفمبر-2025 - 14 جمادى الأول ، 1447
أهوال يوم القيامة
أهوال يوم القيامة
نداء من الله وتحذير:
{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} (سورة التحريم، الآية: 6).
يُؤتى بالنار يوم القيامة ولها سبعون ألف زمام، وعلى كل زمام سبعون ألف ملك، يجرونها ولها زفير وتغيظ، إذا سمعت الخلائق زفيرها، خرت على الركب جثياً وشعارهم نفسي نفسي وشعار الأنبياء اللهم سلم..." (رواه مسلم من حديث جابر بن عبدالله).
ويخرج من النار في المحشر عنق له عينان يصيح في وجوه العباد أين الملوك؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ وقد جعلهم الله على هيئة الذر (أي بحجم النملة الصغيرة) تحت أقدام العباد يختبئون عن ذلك العنق الملتهب، وهو يبحث عنهم في عرصات يوم القيامة، وما أن يرى واحداً منهم إلا ويلتقطه في لهيبه ويقذف به في النار.
أيها المسلمون:
إن الله حذرنا من النار، سماها بأسماء مرعبة، فهي جهنم، وسقر، وسعير، والجحيم، ولظى، والمؤصدة، وأسماء كثيرة.
هذه النار عمقها سقوط صخرة ضخمة تهوي سبعين عاماً حتى تصل إلى قعرها، نار الدنيا وبراكينها لا تساوي جزءاً من ستة وتسعين جزءاً من نار جهنم. (رواه أحمد والترمذي في صفة جهنم، وصححه الألباني عن عتبة بن غزوان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي سبعين عاماً ما تقضي إلى قرارها").
إما هواؤها
في سموم وحميم
أما ظلولها
فظل من يحموم
أما عن مائها ماذا يقول الله عنه: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقاً}. (سورة الكهف، الآية: 29).
أهلها فيها يعذبون عذاباً يزيد لا ينقص {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً} (سورة النبأ، الآية: 20).
يقول الله عن أحوالهم: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد. كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق} (سورة الحج، الآية: 20).
{يصهر به ما في بطونهم}، من ربا ما في بطونهم من حرام من خمور من أموال اليتامى {والجلود}، تلك الجلود المترفة المنعمة التي لا تطيق حر الشمس لحظة واحدة.
{والجلود}، فوق الرؤوس تلك الرؤوس التي طالما شمخت وبغت وتكبرت يخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه النار لها سبعة أبواب. (قيل المقصود بالأبواب السبعة الأطباق، طبق فوق طبق)، وإذا أُلقي العباد فيها جاء منادي ينادي أهل الجنة، خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت، ويأتي بأنعم رجل من أهل الدنيا (رواه مسلم 2807)، من حديث أنس رضي الله عنه)، "لا تدري من هو، ربما يكون طاغوت من الطواغيت"، يأتي فيصبغ في النار صبغة ويقول لهك أمر عليك نعيمُ قط، يقول: لا وعزتك ما مر علي نعيم قط"، هذه حياة نهايتها انتكاسة.
النبي صلى الله عليه وسلم علمنا موانع تحجب علينا جهنم:
"ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له ستر من النار".
"من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن، وسقاهن، وكساهن من جيدته، كن له حجاباً من النار يوم القيامة".
|من كان سهلاً هيناً ليناً، حرمه الله على النار، حُرم على النار كل هين لين سهلاً قريب من الناس".
يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع" (رواه الترمذي 1633 في فضائل الجهاد)، فهنيئاً لك يا عابد يا من ترقرقت عينك بدمعة ولو كانت بحجم رأس الذبابة تحجب بين وجهك والنار.
ويقول صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ: أتدري ما حق الله على العباد؟ وماحق العباد على الله؟ فإن حق الله على العباد، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً".
وقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".
وقال: "من قال أعوذ بالله من النار ثلاثة قالت النار: اللهم أعذه مني".
وقال صلى الله عليه وسلم: "لن يوفى عبداً يوم القيامة يقول لا إله إلاالله يتقي بها وجهه إلا حرم الله عليه النار".
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من صلى أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كُتبت له براءتان، براءة من النار، وبراءة من النفاق" (رواه الترمذي).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من صلى قبل الظهر أربعاً وبعده أربعاً حرمه الله على النار".
وقال صلى الله عليه وسلم: "الصوم جنة، من صام يوماً في سبيل الله، جعل الله بينه وبين النار خندق، كما بين السماء والأرض".
هنيئاً لصيام رمضان، لصوم الإثنين والخميس، والأيام البيض الثلاثة، لمن صام يوم عرفة، ولم يكن حاجاً، لمن صام عاشوراء، وتاسوعاء، فقد جعل الله له خندقاً كما بين السماء والأرض.
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من أغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار".
ويقول صلى الله عليه وسلم: "من ردّ عرض أخيه رد الله عن وجهه يوم القيامة".
هكذا يعملنا صلى الله عليه وسلم، فهيا أيها المسلمون، نسير على طريق النجاة من النار، ونطبق هذه الأحاديث.
يصف الله أصحاب الجنة الذين يُحرمهم على النار: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون. فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} (سورة السجدة، الآيتان: 16 – 17).
ويقول سبحانه: {والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} (سورة الفرقان، الآية: 64)، إعلان إلهي من السماء، إعلان للإنس والجن.
{فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} (سورة آل عمران، الآية: 185).
إعلان ليس في صحيفة أو مجلة، إنه في كتاب الله، أعلنه الرحمن الرحيم عن جبريل، عن محمد صلى الله عليه وسلم {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة}.
فمن زحزح، النار تجذب، تشفط، تسحب، والملائكة تسحب، فتنتصر الملائكة بإذن الله، فتدفعه في الجنة {فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}.
نداء آخر، وإعلان ينبعث من أعماق الفردوس الأعلى، تنادي به الحور العين:
أتخطب مثلي وعني تنام
ونوم المحب عليه حرام
فأقم في دُجى الليل
وسط الظلام بقلب حزين
ودمع سجام فمثلي يزف إلى
عابد كثير الصيام طويل القيام
هذا نداء الحور لك، أيها الصائم القائم، تهيأ جدّد التيه وتب من المعصية، رحم الله عبداً زكى ماله، وربى عياله، وأدى فرضه، وصان عرضه، وذكر ربه، وكن من الصالحين، طريق الجنة، وطريق النجاة من النار، شعار أهله الخوف والإشفاق، لا يذكر أهل الجنة من العبادات القلبية وهم في الجنة إلا الخوف والإشفاق.
اسمعوا هذا التقرير ممن يدخل الجنة وارتاح: {إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين. فمنّ الله علينا ووقانا عذاب السموم. إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم} (سورة الطور، الآيات: 26 – 28).
مشفقين، أي خائفين خوف ممزوج بالرجاء والأمل في رحمة الله الرحمن الرحيم.
أيها المسلم:
أما أن يا صاحبي أن تستفيقا
وأن تنسى الحمى والعقيقا
ألا فاحبس النفس عن غيّها
عساك تجوز الصراط الدقيق
ودون الصراط هناك موقف
به يتناسى الصديق الصديقَ
فتبصر ما شئت كفاً تعض
وعيناً تسحّ وقلباً خفوقا
إذا أطبقت فوقهم لم تكن
لتسمع إلا البكا والشهيق
شرابهم المهل في قعرها
يقطع أمعاءهم والعروق
أذلك خير أما القاصرات
تخالى مباسمهم مشروقا
قصرن على حب أزواجهن
فمشتقاً تتلاقى مشوقا
وطرق النفيس طرقات لحرير
فتبصر عيناك امرأة أنيقة
وأثوابهم ذهب أحمر
يُطاف بها معطرنا رحيقا